البتة، وبين الطرفين اشياء تكون نوعا وجنسا كالنامي فانه نوع للجوهر لأن الجوهر [يكون] ناميا وغير نام، والنامي أيضًا جنس لذي النفس الحية الميتة، ولغير ذي النفس، لأن الشجر والنبات وجسم الإنسان وسائر الحيوان القابل للموت نوام كلها، واسم النامي يقع على جميعها ويعمها.
واتفق الاوائل على ان سموا الجنس الأول جنس الاجناس نعني الذي لا جنس فوقه، وهو الذي لا يكون نوعا أصلا. واتفقوا على ان سموا النوع الآخر نوع الانواع، وهو الذي قلنا فيه إن فيه الوقف وإنه لا يكون جنسا ألبتة، وإنه لا نوع تحته، وليس تحته شيء غير اشخاصه فقط. وهذا النوع هو الذي يعبر عنه بأنه يلي الاشخاص. واما سائر الانواع التي ذكرنا انها من الطرفين وانها انواع وأجناس فانها ليست تلي الاشخاص في الرتبة، لأن بينها وبين الاشخاص انواعا أخر، كقولك: " الناس " فان هذه اللفظة بين قولك " الحي " وبين: زيد وعمرو. فاستبان ولله الحمد ان الجنس ينقسم قسمين: جنس لا يكون نوعا وهو المبدأ أعني الجوهر، وجنس قد يكون نوعا؛ فاستبان ان النوع ينقسم قسمين: نوع لا يكون جنسا وهو الذي فيه الوقف في القسمة، كأشخاص الناس أو الخيل، ونوع قد يكون جنسا وهو في ثلاثة اقسام: القسم الواحد جنس محض، والقسم الثاني نوع محض، والقسم الثالث جنس من وجه ونوع من وجه آخر، فهو جنس لما تحته لأنه معموم به. وقد عبر بعضهم بأن قال إنما هو نوع لما تحته أي جامع له ولم يعبر احد بأن يقول انه جنس [١٠ظ] لما فوقه. وإنما ذكرت لك هذا لئلا تراه فيشكل عليك. والصواب ما ذكرنا اولا من انه نوع لما فوقه من الاجناس، وجنس لما تحته من الانواع، لأنك إذا اضفته إلى ما فوقه فالاحسن ان تسميه باسم غير الذي تسميه به إذا اضفته إلى ما تحته، ليلوح الفرق بين اختلاف إضافتيه. واما نوع الانواع الذي ذكرنا فلا يجوز ان نسميه جنسا أصلًا لأن الجنس إنما يسمى به ما يجمع نوعين فصاعدا لا الذي يلي الاشخاص فقط.
1 / 22