٦ - الكلام على النوع
سمى الأوائل النوع في بعض المواضع اسما آخر وهو " الصورة " وارى هذا اتباعا للغة يونان، فربما كان هذا الاسم عندهم، اعني الذي يترجم عنه في اللغة العربية بالصورة، واقعا على النوع المطلق، ولا معنى لأن نشتغل بهذا إذ لا فائدة فيه. وإنما نقصد إلى ان نسمي به كل جماعة متفقة في حدها أو رسمها مختلفة بأشخاصها فقط، كقولك: الملائكة والناس والجن والنجوم والنخل والتفاح والجراد والسواد والبياض والقيام والقعود وما اشبه ذلك كله. والنوع واقع تحت الجنس لأنه بعضه. وقد يجمع الجنس انواعا كثيرة يقع اسمه؟ نعني اسم الجنس - على كل نوع منها، ويوجد حده في جميعها وتتباين هي تحته بصفات يختص بها كل نوع منها دون الآخر. وذلك انك تقول: حي فيقع تحت هذه التسمية الناس والخيل والبغال والاسد وسائر الحيوانات، فإذا حددت الحي فقلت: هو الحساس المتحرك بأرادة كان هذا الحد أيضا جامعا لكل ما ذكرنا وموجودا في جميعها، وكان كل نوع مما ذكرنا يختص بصفة دون سائرها، كالمنطق والصهيل والشحج الزئير وغير ذلك. فالحي جنس وكل ما ذكرنا أنواع تحته، أي أن الحي يجمعها، وهي أبعاضه، وهي مختلفة تحته كما قدمنا [١٠و]
وهاهنا رتبة عجيبة وهي ان المبدأ في التقسيم للعالم جنس لا يكون نوعا ألبتة، كالجوهر فانه يسمى به الحجارة والشجر والنبات والحيوان، كل ذلك اوله عن آخره جوهر، والجوهر مبدأ ليس فوقه جنس يقع تحت اسمه الجوهر وغير الجوهر. والوقف في تقسيم العالم نوع لا يكون جنسا البتة كالناس والخيل والنمور والياقوت والعنب وما اشبه ذلك؛ فانه ليس تحت كل اسم من هذه الاسماء إلا اشخاصه فقط كزيد وعمرو وهند، وكل فرس على حدته، وكل ياقوتة على حدتها، وكل عنبة على حدتها. ولا تعتبر بأن تكون أيضًا اوصاف تجمع بعض الناس دون بعض كالسود والبيض والفطس والطوال والقصار، وكذلك في كل نوع فإنما هذه اصناف واقسام. والطبيعة في كل واحدة منهم واحدة، وحد كل واحد منهم واحد جامع لجميعهم، وليس كذلك حد الانواع، بل لكل نوع حد على حدة لا يشاركه فيه نوع آخر
1 / 21