لمن تريد أن تخبر عنه وضعا، واتفقوا على أن سموا الخبر " محمولا " وكون الصفة في الموصوف " حملا "؛ فما كان ذاتيا من الصفات؟ كما قدمنا - قيل فيه: هذا " حمل جوهري "، وما كان غيريا قيل: هذا " حمل عرضي " وكل هذا اصطلاح على ألفاظ يسيرة تجمع تحتها معاني كثيرة، ليقرب الافهام. فإذا قلت: زيد منطلق، فزيد موضوع، منطلق محمول على زيد، أي هو وصف له. وهذا يسميه النحويون الابتداء والخبر إذا جاء على هذه الرتبة. فإذا سمعت الموضوع والمحمول فأنما تريد المخبر عنه والخبر عنه فاعلم.
الكلام على الجنس
ذكر الأوائل قسما في الجنس لا معنى له، وهو: كتميم لبني تميم، والبصرة لأهلها، والوزارة لكل وزير [٩ظ]، والصناعة لأهلها، وهذا غير محصور ولا فلا وجه للاشتغال به. وإنما نقصد بكلامنا الجنس الذي ذكرنا أولا وهو: اللفظ الجامع لنوعين من المخلوقات فصاعدا، وليس يدل على شخص واحد بعينه كزيد وعمرو، ولا على جماعة مختلفين بأشخاصهم فقط كقوله: الناس، أو كقوله الأبل، أو كقولك القبلة، لكن على جماعة تختلف بأشخاصهم وأنواعهم كقولك " الحي " الذي يدل على الخيل والناس والملائكة والحي كل حي. والجنس الذي يتكلم عليه ليس يقع على بعض ما يقتضيه حده، لكن على كل ما يقع عليه لحد، والجنس لا يفارق ما تقع عليه التسمية به الا بفساد المسمى واستحالته. وذلك مثل قولك " الجوهر " فان هذه اللفظة يسمى بها كل قائم بنفسه حاملا لغيره، فلا يمكن أن يوجد شيء قائم بنفسه حامل لغيره لا يسمى جوهرا، ولا يمكن أن يوجد جوهر لا يكون قائما بنفسه حاملا لغيره. ولو أنك توهمت هذا الشيء غير قائم بنفسه، لبطل أن يسمى جوهرا. وأما البلدة فقد ينتقل عنها الإنسان إلى غيرها ويبقى إنسانا بحسبه. وكذلك الخطة والصناعة والتجارة. وأما بنو تميم فقد نجد ناسا كثيرا ليسوا من بني تميم، فليس شيء من هذه الوجوه جنسا.
1 / 20