طبعه مما سواه، عرضا كان أو جوهرا. وقد سمى المتقدمون الاسم في هذا المكان " موضوعا "، فإذا سمعتهم يقولون " الموضوع " فإنما يعنون الاسم المراد بيانه بالرسم أو الحد، فكل محدود مرسوم وليس كل مرسوم محدودا لان كل حد تمييز للمحدود مما سواه، وكل رسم فهو تمييز المرسوم مما سواه؛ فكل حد رسم حد، وليس كل رسم مميزا لطبيعة المرسوم ولا مبينا لها، وكل حد فهو مميز لطبيعة المحدود ومميز لها فليس كل رسم حدا فالرسم اهم من الحد.
قال الشيخ: هذه عبارة المترجمين وفيها تخليط لأنهم قطعوا على أن الرسم ليس مأخوذا من الاجناس والفصول، وانه إنما مأخوذ من الاعراض والخواص. ثم لم يلبثوا ان تناقضوا فقالوا: إن كل حد رسم، فأوجبوا ان الحد مأخوذ من الاعراض أو ان بعض الرسم مأخوذ من الفصول، وهذا ضد ما قالوه قبل. وايضا قالوا: ان الرسم غير الحد، ثم قطعوا بأن الحد هو بعض الرسم، وهذا تناقض كما ترى. لكن الصواب ان نقول: ان كل مميز شيئا عن شيء فهو إما ان يكون تمييزه يوجد من اجناس وانواع، فيكون حدا منبئا عن طبيعة الشيء، مميزا له مما سواه أو يتميز بتمييز يوجد من اعراض أو خواص، فيكون مميزا للشيء مما سواه فقط، غير منبئ عن طبيعته، فيكون التمييز رأسا جامعا، ينقسم إلى نوعين: اما حد وإما رسم. فالرسم ينقسم قسمين: قسم يميز طبيعة المرسوم فهو رسم وحد، وقسم لا يميزها فهو لا حد حد. وعبر الاوائل عن الحد بأنه: " قول وجيز دال على طبيعته الموضوع مميز له من غيره "، والرسم في انه: " قول وجيز مميز للموضوع من غيره ". والحد محمول في المحدود والرسم محمول في المرسوم، لان كل واحد منها صفات ما هو فيه. فإذا كان التميز مأخوذا من جنس الشيء المراد تمييزه ومن فصوله كان حدا وسيما، واذا كان مأخوذا من خواصه واعراضه كان رسما لا حدا. وهذا إنما هو بيان لمعنى لفظة الحد ولفظة الرسم، لا ان الحد يحتاج إلى حد، ولو كان ذلك لوجب وجود محدودات لا نهاية لها، وهذا محال ممتنع باطل.
وإنما يشغب علينا في هذا المكان احد رجلين: إما مشغب لا يستحي من
1 / 18