٣ - الكلام في تفسير الفاظ اندرجت لنا في الباب الذي قبل هذا الذي نبدأ به
ذكرنا في الباب الذي قبل هذا اشياء تختلف بانواعها واشخاصها، واشياء تختلف باشخاصها فقط دون انواعها، ومثال ذلك انا نقول في الذاتية: حيوان، فيدلنا على الإنسان والفرس وغير ذلك. وهذه اشياء تختلف بالانواع والاشخاص معا، فان الإنسان يخالف الفرس بشخصه في انه غيره، ويخالف أيضًا بصفات شخصه؛ نقول: فرس زيد، وفرس عمرو فهذان أنما يختلفان بالشخص فقط، أي ان هذا، والا فهذا فرس وهذا فرس، متفقان في الصفات التي استحق كل واحد منهما يسمى فرسا؛ وكذلك الدينار والدينار، والدرهم والدرهم، وهكذا سائر الاشياء. وكذلك نقول في الغيرية: ابيض وابيض ونعني الإنسان ابيض، والحائط ابيض، وهذه كلها مختلفة بانواعها في أن كل واحد منها غير الآخر. وتختلف أيضًا بصفاتها في ان احدها لحم ودم والثاني كتان محوك والثالث [٨ و] تراب وماء وجص. ونقول ضحاك وضحاك فإنما يختلفان بالشخص في ان هذا غير هذا. واما سائر الصفات التي بها استحقا اسم الإنسانية فهما فيها متفقان، فهذه الجملة كافية تفرج اكثر الغم في الجهل بالمراد بهذا اللفظ الذي تقدم قبل؛ وبقي تفسير كثير يأتي بعد هذا، ان شاء الله تعالى.
٤ - الكلام في الحد والرسم وجمل الموجودات وتفسير الوضع والحمل
هذا باب ينبغي ضبطه جدا فهو كالمفتاح لما يأتي بعد هذا ان شاء الله ﷿. اعلم أنه لا موجود أصلا ولا حقيقة البتة الا الخالق وخلقه فقط، ولا سبيل إلى ثالث أصلا. فالخالق واحد اول لم يزل. وأما الخلق فكثير. ثم نقول: أما الخلق فينقسم قسمين لا ثالث لهما أصلا: شيء يقوم بنفسه ويحمل غيره، فاتفقنا على أن سميناه " جوهرا "؛ وشيء لا يقوم بنفسه ولا بد ان
1 / 16