إما أن يكون لفظ يسمى به اشخاص كثيرة مختلفة بأشخاصها وبأنواعها، ويجاب بذلك اللفظ من سأل فقال: " ما هذا الشيء؟ " فاتفقنا على أن نسمي ذلك اللفظ " جنسا "؛ واما أن يكون لفظ يسمى به أشخاص كثيرة مختلفة بأشخاصها لا بأنواعها، ويجاب بذلك من سأل فقال: " ما هذا من الجملة التي سميت؟ " فاتفقنا على أن سمينا هذا اللفظ " وإما أن يكون يسمى به أشخاص كثيرة مختلفة أنواعها وأشخاصها إلا أنه يجاب به من سأل فقال: " أي شيء هذا من الجملة التي سميت؟ " [٧ظ] فاتفقنا على أن سمينا هذا " فصلا ". وتفسير هذه المعاني يأتي بعد هذا، إن شاء الله ﷿.
فهذه الثلاثة الاقسام هي ذاتيات كما قدمنا. وبيان ذلك أن تقول: ما هذا؟ فيقال لك جسم؛ فتقول: أي الاجسام هو؟ أي الاجسام هو؟ فيقال: النامى؛ فيقال أي النماة هو؟ فيقال لك: ذو السعف والخوص والورق والجريد والمستطيل والثمرة المسماة تمرا. فالجسم: جنس، والنمامى: نوع، وقولك: ذو السعف والخواص والجريد: فصل؛ وأنت إذا أسقطت الصفات التي ذكرنا، التي من أجلبها استحقت تلك الاشخاص أن تسمى بالاسماء التي ذكرنا، وتوهمت معانيها معدومة، سقطت عنها تلك الأسماء البتة، فلهذا سميت ذاتية.
ثم نظرنا إلى القسم الثاني الذي ذكرنا أنه سمتى غيريا فوجدناه ينقسم قسمين: إما لفظ يدل على مختلفين بأنواعهم في جواب " أي " فيكون " عرضا عاما " واما لفظ يدل على مختلفين بأشخاصهم في جواب " أي " فيكون " عرضا خاصا ". واعلم أن اللغة العربية لم تمكن العبارة فيها بأكثر مما ترى. على أن السؤال ب " ما " والسؤال ب " أي " قد يستويان في اللغة العربية وينوب كل واحد من هذين اللفظين عن صاحبه ويقعان بمعنى واحد، ومن أحكم اللغة اللطينية عرف الفرق بين المعنيين اللذين قصدنا في الاستفهام، فان فيها للاستفهام عن العام لفظا غير لفظ الاستفهام عن أبعاض ذلك العام ببيان لا يختل على صاحبه أصلا.
1 / 15