وأمَّا الشافعيُّ وغيره: فيرَوْنَ أنَّ ما تَفَرَّدَ به ثقةٌ مقبولُ الروايةِ ولم يخالفْهُ غيرُهُ، فليس بشاذٍّ، وتصرُّفُ الشيخَيْنِ يدُلُّ على مثل هذا المعنى.
وفرَّقَ الخليليُّ بين ما ينفردُ به شيخٌ من الشيوخِ الثقاتِ، وما ينفرِدُ به إمامٌ أو حافظٌ: فما انفرَدَ به إمامٌ أو حافظٌ؛ قُبِلَ واحتُجَّ به، بخلافِ ما تفرَّد به شيخٌ من الشيوخ، وحكى ذلك عن حُفَّاظ الحديث، والله أعلم» . اهـ كلام ابن رجب.
والإعلالُ بالتفرُّدِ كثيرٌ عند أهلِ العلمِ بالحديث؛ ولذا نَجِدُ البخاريَّ، والعُقَيْليَّ، وابنَ عَدِيٍّ كثيرًا ما يُعِلُّونَ الحديثَ بقولهم: «لا يتابَعُ عليه» (١) .
وأكثَرُ ما يُعِلُّونَ بالتفرُّد: إذا تفرَّد خفيفُ الضبط عن إمامٍ مُكْثِرٍ ممَّن يَحْرِصُ أهلُ العلم على جمعِ حديثه وروايتِهِ؛ كالزُّهْري، وقتادة، والأعمش، والثَّوْري، وشُعْبة، ومالك، ونحوهم، أو تفرَّدَ بحديثٍ من أحاديثِ الأحكامِ التي يَحْرِصُ أهلُ العلم على روايتها:
مثال ذلك: قولُ عبد الرحمن بن أبي حاتم (٢): «وسألتُ أبي عن
(١) انظر على سبيل المثال: "التاريخ الكبير" للبخاري (١/١١٠ رقم٣١٣)، و(٢/٨٦ رقم١٧٧٩)، و(٣/١٦ رقم٦٧)، و(٤/١٨ رقم١٨١٧)، و(٥/٧٩)، و(٦/١٩ رقم١٥٥٣)، و(٧/٢٧ رقم١١٦)، و(٨/٣٧٨ رقم٣٣٨٩)، و"الضعفاء" للعقيلي (١/٣١)، و(٢/٣)، و(٣/٣٠)، و(٤/١٢)، و"الكامل" لابن عدي (١/١٩٣)، و(٢/٧)، و(٣/١٦)، و(٤/٤)، و(٥/٤)، و(٦/١٥)، و(٧/٢٤) .
(٢) في "العلل" (٢٤٨) .