Tanzīh al-sharīʿa al-marfuʿa ʿan al-akhbār al-shanīʿa al-mawḍūʿa
تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة
Editor
عبد الوهاب عبد اللطيف وعبد الله محمد الصديق الغماري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1399 AH
Publisher Location
بيروت
فَيُصَلِّي الثَّانِيَةَ مِقْدَارَ وِرْدِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ فَلا يَرَى الصُّبْحَ فَيَزِيدُهُ ذَلِكَ إِنْكَارًا، ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَنْظُرُ إِلَى النُّجُومِ فَإِذَا هِيَ قَدْ صَارَتْ كَهَيْئَتِهَا مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيَأْخُذُ مَضْجَعَهُ الثَّالِثَةَ فَلا يَأْخُذُهُ النَّوْمُ فَيَقُومُ أَيْضًا فَيُصَلِّي مِقْدَارَ وِرْدِهِ، فَلا يَرَى الصُّبْحَ فَيَخْرُجُ فَيَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ فَيَسْتَخِفَّهُمُ الْبُكَاءُ فَيُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيَخْرُجُ الْمُجْتَهِدُونَ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ بِحَضْرَتِهِمْ وَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ كَانُوا يَتَوَاصَلُونَ وَيَتَعَارَفُونَ، فَلا يَزَالُونَ يَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللَّهِ بَقِيَّةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَالْغَافِلُونَ فِي غَفْلَتِهِمْ، فَإِذَا تَمَّ لِلشَّمْسِ مِقْدَارَ ثَلاثِ لَيَالٍ وَلِلْقَمَرِ مِقْدَارُ لَيْلَتَيْنِ أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا جِبْرِيلَ فَقَالَ لَهُمَا إِنَّ الرَّبَّ يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَرْجِعَا إِلَى الْمَغْرِبِ فَتَطْلُعَا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا ضَوْءَ لَكُمَا عِنْدَنَا الْيَوْمَ وَلا نُورٌ، فَيَبْكِيَانِ عِنْدَ ذَلِكَ وَجَلا مِنَ اللَّهِ، فَتَبْكِي الْمَلائِكَةُ لِبُكَائِهِمَا مَعَ مَا يُخَالِطُهُمَا مِنَ الْخَوْفِ فَيَرْجِعَانِ إِلَى الْمَغْرِبِ فَيَطْلُعَانِ مِنَ الْمَغْرِبِ فَبَيْنَمَا النَّاسُ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ أَلا إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ قَدْ طَلُعَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَيَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهِمَا فَإِذَا هُمَا أَسْوَدَانِ كَهَيْئَتِهِمَا فِي حَالِ كُسُوفِهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ لَا ضَوْءَ لِلشَّمْسِ وَلا نُورَ لِلْقَمَرِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ ﷿ ﴿إِذا الشَّمْس كورت،﴾ وَقَوْلُهُ ﴿وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَر﴾ قَالَ: فَيَرْتَفِعَانِ يُنَازِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ حَتَّى يَبْلُغَا سَهْوَةَ السَّمَاءِ وَهُوَ نِصْفُهَا فَيَحْبِسُهُمَا جِبْرِيلُ ﵇، فَيَأْخُذُ بِقَرْنَيْهِمَا وَيَرُدُّهُمَا إِلَى الْمَغْرِبِ فَلا يُغْرِبُهُمَا فِي تِلْكَ الْعُيُونِ وَلَكِنْ يُغْرِبُهُمَا فِي بَابِ التَّوْبَةِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا بَابُ التَّوْبَةِ؟ قَالَ: يَا عُمَرُ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى خَلْفَ الْمَغْرِبِ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلَيْنِ بِالْجَوْهَرِ لِلتَّوْبَةِ فَلَنْ يَتُوبَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ تَوْبَةً نَصُوحًا إِلا وَلَجَتْ تَوْبَتُهُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ، ثُمَّ يُرْفَعُ إِلَى اللَّهِ ﷿. فَقَالَ حُذَيْفَةُ بِأُمِّي وَأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ؟ قَالَ النَّدَمُ مِنَ الذَّنْبِ عَلَى مَا فَاتَ مِنْهُ فَلا يَعُودُ إِلَيْهِ كَمَا لَا يَعُودُ اللَّبَنُ إِلَى الضَّرْعِ. قَالَ حُذَيْفَةُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَكَيْفَ بِالنَّاسِ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ يَا حُذَيْفَةُ أَمَّا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَإِنَّهُمَا يَعُودَانِ فَإِذَا أَغْرَبَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ الْبَابِ رَدَّ الْمِصْرَاعَيْنِ فَالْتَأَمَ مَا بَيْنَهُمَا كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا صَدْعٌ قَطُّ، ﴿فَلا يَنْفَعُ نَفْسًا بَعْدَ ذَلِكَ إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كسبت فى إيمَانهَا خيرا﴾، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْ عَبْدٍ حَسَنَةٌ إِلا مَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنًا، فَإِنَّهُ يَجْرِي لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ، فَتَطْلُعُ الشَّمْسُ عَلَيْهِمْ وَتَغْرُبُ كَمَا كَانَتْ قَبْلُ فَأَمَّا النَّاسُ فَإِنَّهُمْ بَعْدَ مَا يَرَوْنَ مِنْ فَظِيعِ تِلْكَ الآيَةِ وَعِظَمِهَا يُلِحُّونَ عَلَى الدُّنْيَا حَتَّى يَغْرِسُوا فِيهَا الأَشْجَارَ وَيُشَقِّقُوا فِيهَا الأَنْهَارَ وَيَبْنُوا فَوْقَ ظَهْرِهَا الْبُنْيَانَ، وَأَمَّا الدُّنْيَا فَلَوْ أنتج رجل
1 / 183