وقالوا كيف يقول (وقوموا لله قانتين) ثم يقول (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا). وجوابنا أنه فصل تعالى بين حال الأمن وبين حال الخوف الشديد لكن يتمسك المرء بالمحافظة وان لم يتمكن من القيام والتوجه في سائر الأركان كما يجب فقد روي في الخبر ان المراد بقوله (فرجالا أو ركبانا) مستقبلي القبلة وغير مستقبليها اذا كان حال المسايفة والمحاربة ولذلك قال تعالى (فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم) أي كما حده وبينه من أركان الصلاة.
[مسألة]
وربما قيل ما حده الله تعالى في المعتدة عن وفاة زوجها من الحول الذي بينه في قوله (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول) كيف أن يكون منسوخا بقوله (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) مع أنه المتأخر في القرآن فكيف يجوز في المنسوخ أن يكون هو المتأخر ومعلوم من حال الناسخ أن يكون آخرا وجوابنا انه متأخر في نظم التلاوة وهو متقدم في الانزال على الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا هو المعتبر وهذا بمنزلة ما يثبت أن الناسخ فيه مقارن للمنسوخ وان وجب أن يكون متأخرا. ومن أصحابه أيضا أن ينزل تعالى المنسوخ أولا ويتعبد بالتوقف فيه ثم يرد الناسخ فعنده يؤمر بالعمل به ثم بالعمل بالناسخ ويكون معهما قرائن وجعل الله على النساء الفراق بالموت أو الطلاق أو الفسخ مدة عدم احتياط الانسان فاذا لم يقع الدخول فلا عدة في الطلاق وتجب العدة في الوفاة. وجملة العدة تكون في الوفاة أربعة أشهر وعشرا اذا لم يكن حمل فان حصل الوضع قبلها انقضت العدة به وفي الطلاق بانقضاء أيام الحيض وهي ثلاث حيض واذا لم يكن الحيض ممكنا فبالشهور وهي ثلاثة أشهر في الحرائر وفي الاماء على النصف من عدة الحرة وكل ذلك ما لم يكن حمل فاذا كان فالعدة تنقضي بوضع الحمل وقد بين الله تعالى كل ذلك وبين أيضا ما يجب للزوجات من نفقة وغيرها.
[مسألة]
Page 47