وجوابنا ان المراد انه يغفر ذلك بالتوبة بدلالة قوله (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب) والآية في الكفار وردت فلا شبهة في أنهم من أهل النار ويدل على ذلك قوله (وأسلموا له) وقوله من بعد (بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين) وقوله تعالى من بعد (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة) مما روى فيه عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال ما ورد ذلك الا فيمن كذب على الله بان أضاف الكفر اليه وزعم أن خلقه وأراده وكذلك سائر المعاصي وقوله من بعد (وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون) يدل على أن المتقين في الآخرة لا ينالهم من أهوالها كما يظنه بعض من خالفنا في ذلك وقوله من بعد (الله خالق كل شيء) قد تقدم معنى الاضافة وأن المراد به الأجسام التي قدرها الله تعالى الى سائر ما يتصل بها دون أفعال العباد وإذا كان الله تعالى تمدح بانه خالق كل شيء فكيف يدخل فيه الكفر والكذب والفواحش مع أن خلق ذلك الى الذم أقرب وقوله تعالى (وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاؤها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم) أحد ما يدل على قولنا لأنه تعالى لو كان خالقنا للكفر فيهم لكانت الحجة لهم بأن يقولوا وما ذا ينفع مجيء الرسل الينا مع ان الله تعالى خلق الكفر فينا وأراده وقضاه وقدره.
Page 364