282

Tanzih Quran

تنزيه القرآن عن المطاعن

Genres

وربما قيل في قوله تعالى (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) كيف يصح ظهور الفساد لاجل كسبهم؟ وجوابنا أنهم اذا أفسدوا في الارض وظلموا ومنعوا الحقوق يظهر بذلك الفساد في الموضعين واذا قلت النعم من جهة الله تعالى لاجل ذلك كان ردعا لهم عن أمثال ما فعلوا وبذلك قال تعالى (ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) ولا يمتنع أن يكون الصلاح عند كسبهم أن يقع من الله تعالى التضييق في المعيشة على وجه الاعتبار كما فعله تعالى بأمم الأنبياء من إنزال العقاب بهم ولذلك قال تعالى بعده (قل سيروا في الأرض) فبين ما نالهم لاجل شركهم وقوله من بعد (فأقم وجهك للدين القيم) هو خطاب للكل وإن كان لفظه خاصا والمراد بالوجه نفس الانسان فكأنه قال فأقم نفسك للدين القيم حتى لا تحول عنه ولا تزول فلا تأمن في كل وقت من الاخترام فاذا ثبت على الاستقامة كنت من الفائزين تنزيه القرآن (21) ولذلك قال تعالى بعده (من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله) وقوله تعالى من بعد (من كفر فعليه كفره) يدل على أنه من فعله والا كانت اضافته الى خالقه أولى وقوله تعالى (ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون) يوجب أن ذلك من فعلهم أيضا وقوله تعالى من بعد (ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله) يدل أيضا على ذلك لان المجازاة من الله تعالى على نفس ما خلق لا تصح وقوله تعالى من بعد (إنه لا يحب الكافرين) يدل أيضا على ذلك لأن الكفر إن كان من خلقه فقد أراده وأحبه وإذا أراده فقد أحب الكافر إذ محبة الكافر هو محبة كفره وقوله تعالى من بعد (فانتقمنا من الذين أجرموا) يدل على ان الجرم من قبلهم وقوله تعالى من بعد (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) يدل على ان ايمانهم من قبلهم إذ لو كان خلقا من الله لكان ناصرا لنفسه وذلك محال وقوله تعالى من بعد (فإنك لا تسمع الموتى) هو على وجه المبالغة لتركهم القبول والتفكر وكذلك قوله (ولا تسمع الصم الدعاء) ولذلك قال تعالى بعده (إذا ولوا مدبرين) ولو أراد حقيقة الصم لكان حالهم في الاقبال كحالهم في الادبار ولذلك قال تعالى بعده (إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا) فأما قوله عز وجل (الله الذي خلقكم من ضعف) والضعف عرض لا يصح أن يخلق الجسم منه فالمراد المبالغة في ضعفه وهو على ما هو عليه وبين ان آخر أمره أن لا ينتظر له قوة بعد ضعف وبقوله تعالى (ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة) وكل ذلك تحريك لهم على التدارك الى التوبة خصوصا وقد أدرك حال الشيبة.

[مسألة]

Page 322