219

Tanzih Quran

تنزيه القرآن عن المطاعن

Genres

وربما قيل في قوله تعالى (فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا) فكيف يصح للطفل أول ما يولد أن يتكلم بذلك وأن يكلف الصلاة والزكاة وأي فرق بين من يجوز ذلك وبين من يجوز تكليف الموتى؟ وجوابنا أنه تعالى قادر على اكمال عقله وتقوية جسمه في تلك الحالة وان كان كلا الامرين يحصل فينا في العادة في الوقت الطويل بالتدريج واذا كان كذلك وألهمه الله تعالى هذا القول صح أن يقول ما قال وصح سائر ما وصف به نفسه أو ليس يوجب قوله وأوصاني بالصلاة والزكاة أنه في هذا الوقت خاصة لان الوصية تتقدم وتتأخر وإنما جعل الله معجزة عيسى صلى الله عليه وسلم في حال ولادته لما كان في ذلك من ازالة الريب بذلك عن القلوب وبغير هذه الآية لا يكاد يزول.

[مسألة]

وربما قيل في قوله تعالى (ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) كيف يصح في أمر محال أن يقال ما كان لله أن يفعله وانما يصح ذلك فيما يصح ويمكن ولذلك لا يقال ما كان لزيد وهو شاب أن يلد رجلا شيخا لأن ذلك يستحيل؟ وجوابنا أن القوم كانوا ينسبونه الى ذلك فنفى عن نفسه على الوجه الذي كانوا يضيفونه اليه ولذلك قال (سبحانه) فنزه نفسه عن ذلك وبين أن كل الأولاد من خلقه وأنه قادر على خلقهم فلا يجوز عليه الولادة وقد يقال ذلك بمعنى البيان والدلالة إذا دل وبين أن ذلك لا يجوز عليه.

[مسألة]

وربما قيل في قوله تعالى (يا أبت لا تعبد الشيطان) كيف جاز من ابراهيم عليه السلام أن يقول ذلك ولم يكن أبوه ممن يعبد الشيطان؟ وجوابنا أنه أراد لا تتبعه ولا تطعه كما روي في تفسير قوله تعالى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) فقال صلى الله عليه وسلم لم يتخذوهم أربابا بالعبادة لكن أطاعوهم في التحليل والتحريم ولذلك قال ابراهيم صلى الله عليه وسلم (لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر) لانه كان يعبد الاصنام فلا يجوز أن يريد بقوله (لا تعبد الشيطان) الا ما ذكرنا ولذلك قال من بعد (فتكون للشيطان وليا) ومعنى قوله من بعد (قال سلام عليك سأستغفر لك ربي) انه ان تاب وقبل قول ابراهيم يستغفر له ويرجو له الثواب والنجاة لأنه لا يستغفر له وهو على اصراره على الكفر.

[مسألة]

Page 248