200

Tanzih Quran

تنزيه القرآن عن المطاعن

Genres

وربما قيل في قوله تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا) كيف يصح قطع هذه المسافة في هذه الاوقات القصيرة وما فائدة ذلك ويصح منه تعالى أن يريه الآيات من دون ذلك وان كان المراد أنه عرج به الى السماء كما روي في الخبر فذلك ممكن من المدينة. وجوابنا ان ذلك من معجزاته صلى الله عليه وسلم ولا ننكر في يسير من الاوقات ذلك كما جعل الله تعالى معجزة سليمان الريح بقوله تعالى (ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر) واذا كان الصلاح أن يريه الآيات التي ببيت المقدس فلا بد من أن يسري به الى هناك. وما روي في خبر المعراج ففيه ما يجوز أن يصح وفيه ما لا يصح كما ذكر فيه أنه تعالى في مكانه وأنه صلى الله عليه وسلم كان يذهب اليه ويعود. تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا وقوله تعالى من بعد في كتاب موسى (وجعلناه هدى لبني إسرائيل) يدل على ان الهدى هو الدلالة والبيان لا نفس الايمان كما يقوله المجبرة. وقوله تعالى من بعد (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين) فالمراد به الاعلام كقوله تعالى (وقضينا إليه ذلك الأمر) ولذلك أضاف الفساد اليهم بقوله تعالى (لتفسدن في الأرض مرتين) وقوله تعالى (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها) يدل على قدرتهم على الامرين وأنهم إذا أساءوا فمن جهتهم وبين تعالى بقوله (إن) تنزيه القرآن (15) (هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين) ان الواجب على من يتلوه أن يتدبر ذلك فيكون داعية له الى التمسك بما هو اقوم وصارف عن طريقة من لا يؤمن بالآخرة.

[مسألة]

وربما قيل في قوله تعالى (وجعلنا الليل والنهار آيتين) كيف يصح ذلك ومعلوم ان كون آية النهار مبصرة دون الليل لا صحة له مع وجود القمر. وجوابنا ان ذلك يدل على انه تعالى يحرك الشمس في سمائها فاذا كانت بحيث يصح أن ترى كان نهارا واذا كانت بخلافه كان ليلا وان ذلك لا يكون بالطبع ولا بغيره على ما ذهب اليه بعض الملحدة وذلك من عظيم نعم الله تعالى كما قال (لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب).

[مسألة]

Page 226