وربما قيل كيف يصح وهو في السجن أن يظهر أن آباءه ابراهيم واسحاق ويعقوب ولا يظهر ذلك في القوم وكيف يصح ممن نجا منهما أن لا يذكر يوسف الا بعد زمان والا بعد رؤيا الملك أو ليس كل ذلك نقيض العادات.
وجوابنا أن يوسف عليه السلام كان في صورة العبد الرقيق لذلك الملك وكان يخاف أن يظهر من كلامه ما يدل على خلاف ذلك خاصة فيمن كان خادما لذلك الملك وراجيا لان يعود الى الخدمة فلذلك أخفى نسبه فأما النسيان فقد يصح في مثل ذلك اذا قل الحرص في مثله فلذلك قال تعالى (فأنساه الشيطان ذكر ربه) وقال (وادكر بعد أمة) ثم ما كان من جوابه لرؤيا الملك وموافقة الصدق في ذلك، يدل على نبوته.
[مسألة]
وربما قيل أن يوسف لما أجاب في رؤيا الملك (قال الملك ائتوني به) ولم يذكر له جواب الرؤيا، كيف يصح ذلك وجوابنا أنه في هذه السورة قد ذكر تعالى أشياء حذف جزء منها اختصارا ولدلالة الكلام عليه وذلك يحسن.
[مسألة]
وربما قيل كيف يجوز وقد أمر الملك أن يخلص من السجن ان يختار أن يبقى فيه ويقول (ارجع إلى ربك فسئله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن) وقد كان يمكنه ان يخرج ثم يفتش عند ذلك. وجوابنا أنه رأى وقد أحب الملك حضوره عنده أن التفتيش عن ذلك يكون أقوى وموقعه أحسن فأوهم أنه لا يخرج من السجن إلا وقد ظهرت براءة ساحته كالشمس فلذلك قال ما قال فلما قلن ما قلن من قولهن (حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق) أيقن بظهور أمره فيما كان اتهم به فعند ذلك خرج الى حضرة الملك.
[مسألة]
Page 192