وربما قيل في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول) كيف يصح ذلك والمضار على الله تعالى لا تجوز. وجوابنا ان الله تعالى ذكر نفسه وأراد غيره على مثال قوله تعالى (إن الذين يؤذون الله ورسوله) لأنه قد ثبت أن خيانة الكافر للغير إنما تكون بارادة السوء والمضار وذلك لا يجوز على الله تعالى وذلك قوله تعالى (وتخونوا أماناتكم) لكنه من المجاز الحسن الموقع لأن الامانة لا تسلم اذا تخللها الخيانة.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وما لهم ألا يعذبهم الله) كيف يصح ان ينفي ذلك أولا ثم يثبته آخرا. وجوابنا أنه تعالى نفى ذلك بشرط وأثبته مع فقد ذلك الشرط وذلك متفق وقد قيل انه نفى بالاول عذاب الاستئصال وأثبت ثانيا عذاب الآخرة.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا) أليس ذلك يدل على ان كل فعل يقع بقضاء الله. وجوابنا ان الآية نزلت في وقعة بدر وانه اتفق لهم ما لم يظنوه من الجهاد والظفر وذلك لا شبهة في أنه من قضاء الله كقوله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) وقد يقال في كل معقول انه من قضاء الله على وجه الاعلام والأخبار إما مجملا واما مفصلا وقوله تعالى من بعد (ليهلك من هلك عن بينة) يدل على أن العبد الفاعل المختار وأنه بعد البينة اختار ما يؤديه الى الهلاك ولو كان الله تعالى هو الخالق لذلك فيه لكان وجود البينة كعدمها.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم) قد أضاف موافقة بعضهم لبعض الى نفسه وذلك بخلاف قولكم.
Page 160