صلاة العصر ثم إنه عرقب الخيل وقطع سوقها وأعناقها غيظا عليها وهذا كله فعل يقتضي ظاهره القبح الجواب قلنا أما ظاهر الآية فلا يدل على إضافة قبيح إلى النبي (ع) والرواية إذا كانت مخالفة لما تقتضيه الأدلة لا يلتفت إليها لو كانت قوية صحيحة ظاهرة فكيف إذا كانت ضعيفة واهية والذي يدل على ما ذكرناه على سبيل الجملة أن الله تعالى ابتدأ الآية بمدحه وتعريفه والثناء عليه فقال نعم العبد إنه أواب وليس يجوز أن يثني عليه بهذا الثناء ثم يتبعه من غير فضل بإضافة القبيح إليه وأن يلهى بعرض الخيل عن فعل المفروض عليه من الصلاة والذي يقتضيه الظاهر أن حبه للخيل وشغفه بها كان عن إذن ربه وبأمره وبتذكيره إياه لأن الله تعالى قد أمرنا بارتباط الخيل وإعدادها لمحاربة الأعداء فلا ينكر أن يكون سليمان (ع) مأمورا بمثل ذلك فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي ليعلم من حضره أن اشتغاله بها واستعداده لها لم يكن لهوا ولا لعبا وإنما تبع فيه أمر الله تعالى وأثر طاعته فأما قوله أحببت حب الخير ففيه وجهان أحدهما أنه أراد إني أحببت حبا ثم أضاف الحب إلى الخير والوجه الآخر أنه أراد أحببت اتخاذ الخير فجعل بدل قوله اتخاذ الخير حب الخير فأما قوله تعالى ردوها علي فهو الخيل لا محالة على مذهب سائر أهل التفسير فأما قوله تعالى حتى توارت بالحجاب فإن أبا مسلم محمد بن بحر وحده قال إنه عائد إلى الخيل دون الشمس لأن الشمس لم يجر لها ذكر في القصة وقد جرى للخيل ذكر فرده إليها أولى إذا كانت له محتملة وهذا التأويل يبرئ النبي (ع) عن المعصية فأما من قال إن قوله تعالى حتى توارت بالحجاب كناية عن الشمس فليس في ظاهر القرآن أيضا على هذا الوجه ما يدل على أن التواري كان سببا لفوت الصلاة ولا يمتنع أن يكون ذكر ذلك على سبيل الغاية لعرض الخيل عليه ثم استعادته لها فأما أبو علي الجبائي وغيره
Page 93