فإن قيل فما الوجه في عدول شعيب (ع) عن جواب بنته في قولها يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين إلى قوله لموسى (ع) إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين وهي لم تسأل النكاح ولا عرضت به فترك إجابتها عن كلامها وخرج إلى شيء لم يجر ما يقتضيه الجواب قلنا إنها لما سألت أباها أن يستأجره ومدحته بالقوة والأمانة كان كلامها دالا على الترغيب فيه والتقريب منه والمدح له بما يدعو إلى إنكاحه فبذل له النكاح الذي يقتضي غاية الاختصاص فما فعله شعيب (ع) في غاية المطابقة لجوابها ولما يقتضيه سؤالها مسألة فإن قيل فما معنى قول شعيب (ع) إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين وكيف يجوز في الصداق هذا التخيير والتفويض وأي فائدة للبنت فيما شرط هو لنفسه وليس يعود إليها من ذلك نفع الجواب قلنا يجوز أن تكون الغنم كانت لشعيب (ع) وكانت الفائدة باستيجار من يرعاها عائدة عليه إلا أنه أراد أن يعوض بنته عن قيمة رعيها فيكون ذلك مهرا لها فأما التخيير فلم يكن إلا فيما زاد على الثماني حجج ولم يكن فيما شرط مقترحا تخيير وإنما كان فيما تجاوزه وتعداه ووجه آخر وهو أنه يجوز أن تكون الغنم كانت للبنت وكان الأب المتولي لأمرها والقابض لصداقها لأنه لا خلاف أن قبض الأب مهر بنته البكر البالغ جائز وأنه ليس لأحد من الأولياء ذلك غيره وأجمعوا أن بنت شعيب (ع) كانت بكرا ووجه آخر وهو أن يكون حذف ذكر الصداق وذكر ما شرط لنفسه مضافا إلى الصداق لأنه جائز أن يشترط الولي لنفسه ما يخرج من الصداق وهذا الجواب يخالف الظاهر لأن قوله تعالى إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج
Page 66