134

وسوبق إليه وانتهزت غرته واغتنمت الحال التي كان فيها متشاغلا بتجهيز النبي (ص) وسعى القوم إلى سقيفة بني ساعدة وجرى لهم فيها مع الأنصار ما جرى وتم لهم عليهم كما اتفق من بشير بن سعد ما تم وظهر وإنما توجه لهم من قهرهم الأنصار ما توجه أن الإجماع قد انعقد على البيعة وأن الرضا وقع من جميع الأمة وروسل أمير المؤمنين (ع) ومن تأخر معه من بني هاشم وغيرهم مراسلة من يلزمهم بيعة قد تمت ووجبت لا خيار فيها لأحد ولا رأي في التوقف عنها لذي رأي ثم تهددوه على التأخر وتارة يقال له لا تقم مقام من يظن به الحسد لابن عمه إلى ما شاكل ذلك من الأقوال والأفعال التي تقتضي التكفل والتشبث ويدل على التصميم والتتمم وهذه أمارات بل دلالات تدل على أن الضرر في مخالفة القوم شديد وبعد فإن الذي نذهب إليه من سبب التقية والخوف مما لا بد منه إذا فرضوا أن مذهبنا على النص صحيح لأنه إذا كان النبي (ص) قد نص على أمير المؤمنين (ع) بالإمامة في مقام بعد مقام وبكلام لا يحتمل التأويل ثم رأى المنصوص عليه أكثر الأمة بعد الوفاة بلا فصل أقبلوا يتنازعون الأمر تنازع من لم يعهد إليه بشيء فيه ولا يسمع على الإمامة نصا لأن المهاجرين قالوا نحن أحق بالأمر لأن رسول الله (ص) منا ولكيت وكيت وقال الأنصار نحن آويناه ونصرناه فمنا أمير ومنكم أمير هذا والنص لا يذكر فيما بينهم ومعلوم أن الزمان لم يبعد فيتناسوه ومثله لا يتناسى فلم يبق إلا أنهم عملوا على التصميم ووطنوا نفوسهم على التحليج وأنهم لم يستحيزوا الإقدام على خلاف الرسول (ص) في أجل أوامره وأوثق عهوده والتظاهر بالعدول عما أكده وعقده إلا لداع قوي وأمر عظيم يخاف فيه من عظيم الضرر ويتوقع منه شديد الفتنة فأي طمع يبقى في نزوعهم بوعظ وتذكير وكيف يطمع في قبول وعظه والرجوع إلى تبصيره وإرشاده من رآهم لم يتعظوا بوعظ

Page 135