كان متمكنا من المنازعة في حقه والمجادلة وما المنكر من أن يكون (ع) خائفا متى نازع وحارب من ضرر عظيم يلحقه في نفسه وولده وشيعته ثم ما المنكر من أن يكون خاف في الإنكار من ارتداد القوم عن الدين وخروجهم عن الإسلام ونبذهم شعار الشريعة فرأى أن الإغضاء أصلح في الدين من حيث كان يجر الإنكار ضررا فيه لا يتلافى فإن قيل ما يمنع من أن يكون إنكار المنكر مشروطا بما ذكرتم إلا أنه لا بد لارتفاع التمكن وخوف الضرر عن الدين والنفس من أمارات لائحة ظاهرة يعرفها كل أحد ولم يكن هناك شيء من أمارات الخوف وعلامات وقوع الفساد في الدين وعلى هذا فليس ينفعكم الجملة التي ذكرتموها لأن التفصيل لا يطابقها قلنا أول ما نقوله أن الأمارات التي يغلب معها الظن بأن إنكار المنكر يؤدي إلى الضرر إنما يعرفها من شهد الحال وحضرها وأثرت في ظنه وليست مما يجب أن يعلمها الغائبون عن تلك المشاهدة ومن أتى بعد ذلك الحال بالسنين المتطاولة وليس من حيث لم يظهر لنا تلك الأمارات ولم نحط بها علما يجب القطع على من شهد تلك الحال لم تكن له ظاهرة فإنا نعلم أن للمشاهد وحضوره مزية في هذا الباب لا يمكن دفعها والعادات تقتضي بأن الحال على ما ذكرناه فإنا نجد كثيرا ممن يحضر مجالس الظلمة من الملوك يمتنع من إنكار بعض ما يجري بحضرتهم من المناكير وربما أنكر ما يجري مجراه في الظاهر فإذا سئل عن سبب إغضائه وكفه ذكر أنه خاف لأمارة ظهرت له ولا يلزمه أن يكون تلك الأمارة ظاهرة لكل أحد حتى يطالب بأن يشاركه في الظن والخوف كل من عرفه بل ربما كان معه في ذلك المقام من لا يغلب على ظنه مثل ما غلب على ظنه من حيث اختص بالأمارة دونه ثم قد ذكرنا في كتابنا في الإمامة من أسباب الخوف وأمارات الضرر التي تناصرت بها الروايات ووردت من الجهات المختلفة ما فيه مقنع للمتأمل وأنه (ع) غولط في الأمر
Page 134