129

** السادس :

فإنها صديقة بشاهد القرآن ، والصديق أشفق على خلق الله مما هو على نفسه.

** السابع :

فهذه سبع قوابض لو سلط أحدها على جبل لتصدع! ويكفيك قولها عند ذلك : ( يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ) [مريم : 19 / 23] فأي مقام فوق مقام من ابتلي بمثل هذه المعضلات دفعة واحدة فصبر وشكر؟.

ويعضد ما قلناه في علو مقامها في ذلك الحال قوله تعالى : ( كلما دخل عليها زكريا المحراب )، إلى قوله : ( بغير حساب ) [آل عمران : 3 / 37].

وذلك أن زكريا عليه السلام كان يجد عندها تلك الفواكه المذكورة في غير أوانها فيقول : ( أنى لك هذا ) يعني بأي عمل بلغت هذا المقام؟ كان عليه السلام يستعظم ذلك المقام في حقها لغرارتها وضعفها ، فتقول هي : ( هو من عند الله ) [آل عمران : 3 / 37].

أي ليس ذلك مقاما بلغته بكبير عمل ، وإنما هو من فضل الله تعالى ، فكأن ما تشير إليه : أنتم عظماء! لكم المقامات والأحوال ، وأنا ضئيلة ضعيفة! فأنتم ترزقون بسبب وأنا بغير سبب!.

ففي قول زكريا عليه السلام : ( أنى لك هذا ) دليل على ضعف مقامها في الغرفة (2). فإن المقامات عند القوم مرتبطة بعلوم مخصوصة وأعمال مخصوصة ، وكذلك الأحوال والكرامات أيضا هبة من الله تعالى لهم على قدر مقاماتهم.

Page 139