116

لا تدري كيفية العبادة فهداك لها بالأمر والنهي ، ثم قال له : ( بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين ) [يوسف : 12 / 3].

والجاهل لا يسمى غافلا حقيقة لقيام الجهل به ، فصح أن ضلال الأنبياء عليهم السلام غفلة لا جهل.

وقال بعض مشايخ الصوفية : (وجدك ضالا) أي محبا له (1)، (فهدى) أي اختصك لنفسه خصوص الهداية والصحبة.

يعضد ذلك ما أخبر تعالى عن إخوة يوسف عليه السلام : ( إن أبانا لفي ضلال مبين ) [يوسف : 12 / 8] أي في حب مبين ليوسف ، وكذلك قولهم له بعد ذلك : ( تالله إنك لفي ضلالك القديم ) [يوسف : 12 / 95]. أي في حبك القديم له ، ومن أسماء المحبة عند العرب : الضلال.

ومع ما ذكرناه في هذه القصة من تبرئة موسى عليه السلام من الذنب في قتل الكافر أن قتله كان خطأ. فإنه ما طعنه بحديدة ولا رماه بسهم ، ولا ضربه بفهر (2) ولا بغيره ، وإنما وكزه ، وما جرت العادة بالموت من الوكزة ، وإن مات منها أحد فنادر ، والنادر لا يحكم به. فقد تبرأ موسى عليه السلام من الذنب في قتل الكافر براءة الذئب من دم ابن يعقوب عليهما السلام !.

Page 126