Tanzih al-Ashab ‘an Tanaqqus Abi Turab
تنزيه الأصحاب عن تنقص أبي تراب
Publisher
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Genres
وظاهر كلام أبي تراب أن العلم ملازم للرواية والحفظ فمن كثرت روايته وحفظه للأحاديث مثل أبي هريرة ﵁ فهو أعلم ممن قلت روايته وحفظه. وهذا خطأ ظاهر فليس العلم ملازما للرواية والحفظ وإنما العلم بالفهم لنصوص الكتاب والسنة واستخراج الأحكام منها وإن كان الموصوف بذلك قليل الرواية. قال ابن وهب عن مالك: "إن العلم ليس بكثرة الرواية وإنما العلم نور يجعله الله في القلب" انتهى..
وقد كانت مرتبة أبي بكر وعمر ﵄ في فهم النصوص واستخراج الأحكام منها فوق مراتب سائر الأمة فهما أعلم الأمة على الإطلاق وقد تقدم بيان ذلك بالأدلة. وأبو هريرة ﵁ وإن كان من علماء الصحابة وأكثرهم رواية وحفظا للأحاديث فلا يقاس بعثمان وعلي ومعاذ وابن مسعود وابن عباس ﵃ في العلم فضلا عن أن يقاس بأبي بكر وعمر ﵄..
وقد قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه «الوابل الصيب»: "وأين تقع فتاوى ابن عباس وتفسيره واستنباطه من فتاوى أبي هريرة وتفسيره. وأبو هريرة أحفظ منه بل هو حافظ الأمة على الإطلاق يؤدي الحديث كما سمعه ويدرسه بالليل درسا فكانت همته مصروفة إلى الحفظ وتبليغ ما حفظه كما سمعه. وهمة ابن عباس مصروفة إلى التفقه والاستنباط وتفجير النصوص وشق الأنهار منها واستخراج كنوزها" انتهى..
وأما قول أبي تراب إن أبا هريرة ﵁ غلب الجميع أي غلب أبا بكر وعمر وابن عمر ﵃ بالعلم مع قوله فيما تقدم إن أبا هريرة ﵁ غلب الصحابة كلهم بعلمه..
فجوابه أن يقال: هذا خطأ ظاهر وخصوصا تفضيل أبي هريرة ﵁ بالعلم على الخلفاء الراشدين فإن هذا ليس بالأمر الهين. وكذلك تفضيل علي ومعاذ وابن مسعود وابن عمر على عمر بالعلم والفقه فكل هذا خطأ ظاهر وليس بالأمر الهين.
وقد قال عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب السنة: "حدثني أبي حدثنا هشيم حدثنا حصين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "خطب عمر بن الخطاب ﵁ فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "ألا إن خير هذه الأمة بعد رسول الله ﷺ أبو بكر فمن قال سوى هذا بعد مقامي هذا فهو مفتر،
31 / 68