من ابتدائه ، وهو مخير في صيغته إما أن يدخل الألف واللام فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أو يحذفهما فيقول : سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ولا يزيد على ذلك ، والسنة أن يسلم الماشي على الجالس ، والراكب على الماشي وسلام الواحد من الجماعة على غيرهم يجزىء ، وكذلك رد الواحد من الجماعة يجزىء ، ولا يجوز البداءة بالسلام على المشرك ، فإن بدأ مشرك رد عليه بأن يقول وعليك ، وأما رده على المسلم فيقول : وعليكم السلام كما قال وإن زاد إلى قوله وبركاته كان أولى ، وإن قال مسلم لمسلم لم يجبه ويعرفه أنه ليس بتحية الإسلام ، لأنه ليس بكلام تام ويستحب للنساء السلام بعضهن على بعض ، وأما سلام الرجل على المرأة الشابة فمكروه ، وإن كانت برزة فلا حرج ، وأما السلام على الصبيان فمستحب ، لأن فيه تعليم الأدب لهم ، وكذلك يستحب لمن قام من المجلس أن يسلم على أهله ، وكذلك إذا سلم على رجل ، ثم التقاه ثانيا سلم عليه ، ولا يسلم على المتلبسين بالمعاصي كمن اجتاز على قوم يلعبون بالشطرنج والنرد ، ويشربون الخمر ويلعبون بالجوز والقمار ، ويستحب للمسلم المصافحة لأخيه ، ولا ينزع الآخر يده إذا كان هو المبتدىء ، وإن تعانقا وقبل أحدهما رأس الآخر ويده على وجه التبرك جاز ، وأما تقبيل الفم فمكروه انتهى . ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم : السلام قبل الكلام ) رواه الترمذي عن جابر ، وهو حديث صحيح قال العزيزي يحتمل أن المعنى يندب السلام قبل الشروع في الكلام لأنه تحية هذه الأمة ، فإذا شرع المقبل في الكلام فات محله . وقال النووي : والسنة أن المسلم يبدأ بالسلام قبل كل كلام ( وقال صلى الله عليه وسلم : من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه ) فيه حث على السلام وزجر عن ترك رواه الطبراني عن ابن عمر بن الخطاب ( وقال صلى الله عليه وسلم : من بدأ بالسلام ) أي على من لقيه أو قدم عليه ( فهو أولى بالله ورسوله ) رواه أحمد عن أبي أمامة قال العزيزي : يحتمل أن المراد أولى بأمان الله وأمان رسوله ، أي أولى لأن يرد عليه من سلم عليه ويؤمنه ، لأن السلام معناه الأمان ، فيجب الرد والله أعلم اه . ( وقال صلى الله عليه وسلم : السلام من أسماء الله تعالى وضعه الله في الأرض فأفشوه ) بقطع الهمزة ، أي أظهروه بينكم أن تسلموا على كل ما لقيتموه من المسلمين ممن يشرع عليه السلام ( فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام ، فإن لم يردوا عليه رد من هو خير منهم وأطيب ) رواه البزار والبيهقي عن ابن مسعود وهو حديث صحيح . | قوله من هو خير منهم هم الملائكة الكرام فخواص الملائكة أفضل من عوام البشر ، وفي الحديث أن بدء السلام ، وإن كان سنة أفضل من جوابه ، وإن كان واجبا كذا أفاده العزيزي ( وقال صلى الله عليه وسلم : إن أولى الناس بالله ) أي برحمته وكرامته ( من بدأهم بالسلام ) أي عند الملاقاة والمفارقة ، لأنه السابق إلى ذكر الله ومذكرهم رواه أبو داود عن أبي أمامة ، وهو حديث صحيح ( وقال صلى الله عليه وسلم : رأس التواضع الابتداء بالسلام ) قال النووي : الرجل المسلم الذي ليس بمشهور بفسق ولا بدعة يسلم ويسلم عليه ، فيسن له السلام ويجب الرد عليه ، وأما المبتدع ومن اقترف ذنبا عظيما ولم يتب منه ، فينبغي أن لا يسلم عليه ، ولا يرد عليه السلام كذا قاله البخاري وغيره من العلماء اه . وقال سيدي الشيخ عبد القادر : ولا يهجر المسلم أخاه فوق الثلاث ، إلا أن يكون من أهل البدع والضلال والمعاصي ، فمستحب استدامة الهجر لهم وبالسلام يتخلص من إثم الهجر للمسلم اه . ( وقال صلى الله عليه وسلم : إذا التقى المسلمان أقربهما إلى الله تعالى من بدأ بالسلام ) وفي رواية لأبي داود عن البراء بن عازب إذا التقى المسلمان فتصافحا ، وحمدا الله واستغفرا غفر لهما وهذا حديث حسن ، وقوله المسلمان يشمل الذكرين والأنثيين ، والذكر ومحرمه وحليلته ، ويستثنى من هذا الحكم الأمرد الجميل الوجه ، فتحرم مصافحته ومن به عاهة كالأبرص والأجذم ، فتكره مصافحته ، وفي رواية الحكيم الترمذي عن ابن عمر إذا التقى المسلمان ، فسلم أحدهما على صاحبه كان أحبهما إلى الله أحسنهما بشرا بصاحبه ، فإذا تصافحا أنزل الله عليهما مائة رحمة للبادي تسعون ، وللمصافح عشرة . قوله بشرا بكسر الموحدة ، أي طلاقة الوجه وبشاشته . قوله للبادي تسعون ، أي البادىء بالسلام والمصافحة تسعون . | قوله وللمصافح عشرة بفتح الفاء ، وفي ذلك أن المندوب قد يفضل الواجب ( وقال صلى الله عليه وسلم : إذا دخلتم في مجلس فسلموا وإذا خرجتم فسلموا ) أي فيندب السلام عند ملاقاة المسلم ، وعند مفارقته بذلا للأمان ، وإقامة لشعائر أهل الإيمان . كذا قاله العزيزي . وقال النووي : يستحب إذا دخل بيته أن يسلم ، وإن لم يكن فيه أحد ، وليقل السلام علينا ، وعلى عباد الله الصالحين ، وكذا إذا دخل مسجدا أو بيتا لغيره ليس فيه أحد يستحب أن يسلم ، وأن يقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، ويستحب لمن سلم على إنسان ، فلم يرد عليه أن يقول له بعبارة لطيفة رد السلام واجب ، فينبغي لك أن ترد حتى يسقط عنك الفرض ، والله أعلم . وفي رواية البيهقي عن قتادة إذا دخلتم بيتا فسلموا على أهله ، فإذا خرجتم فأودعوا قبله بالسلام ، وهذا حديث ضعيف ، أي إذا وصل أحد إلى محل فيه مسلمون ، فالتصبر بالدخول وبالبيت وبالجمع غالي ( وقال صلى الله عليه وسلم : أبخل الناس من بخل بالسلام ) وقال ابن حجر في تنبيه الأخيار ، ويحرص أن يسلم في كل يوم على عشرة من المسلمين وأن يكون هو المبتدىء ، فإنه أفضل من الرد وصيغته الكاملة السلام عليكم ، ولو لواحد ورحمة الله وبركاته ، ويريد الراد ومغفرته ورضوانه ، ومر صلى الله عليه وسلم على صبيان فقال : السلام عليكم يا صبيان وفي الحديث إذا التقى المسلمان فتصافحا ، وحمدا الله وصليا على النبي صلى الله عليه وسلم ، واستغفرا وضحك كل منهما في وجه صاحبه غفر الله لهما ، ونزل عليهما مائة رحمة للبادي تسعون ، وللمصافح عشرة ويقدم السلام على المصافحة اه . ( وقال النبي صلى الله عليه وسلم : السلام تحية لملتنا ) أي سبب لبقاء الألفة بين أهلها ( وأمان لذمتنا ) فإذا سلم المسلم على المسلم اطمأن وزال روعه ( قال الله تعالى : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) وروى أبو داود والترمذي عن عمران بن الحصين قال : جاء رجل أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليكم فرد عليه ، ثم جلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عشر ) ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه فجلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عشرون ) . ثم جاء رجل آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فرد عليه فجلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثون ) أي ثلاثون حسنة ، وفي رواية لأبي داود من رواية معاذ بن أنس زيادة على هذا قال : ثم أتى آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ومغفرته ، فرد عليه فقال : ( أربعون ) وقال : ( هكذا تكون الفضائل ) وفي كتاب ابن السني بإسناد ضعيف عن أنس قال : كان رجل يمر على النبي صلى الله عليه وسلم يرعى دواب أصحابه ، فيقول : السلام عليك يا رسول الله فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم : ( وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفراته ورضوانه ) فقيل : يا رسول الله تسلم على هذا سلاما ما تسلمه على أحد من أصحابك ؟ قال : ( وما يمنعني من ذلك وهو يتصرف بأجر بضعة عشر رجلا ) كذا في الأذكار للنووي والغنية للشيخ عبد القادر الجيلاني . |
Page 38