78

Tanbih Ghafilin

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

Investigator

يوسف علي بديوي

Publisher

دار ابن كثير

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

Publisher Location

دمشق - بيروت

٩٨ - وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانُ» . يَعْنِي أَضْعَفُ فِعْلِ أَهْلِ الْإِيمَانِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: التَّغْيِيرُ بِالْيَدِ لِلْأُمَرَاءِ، وَبِاللِّسَانِ لِلْعُلَمَاءِ، وَبِالْقَلْبِ لِلْعَامَّةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُغَيِّرَهُ. يَنْبَغِي لِلَّذِي يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِعْزَازَ الدِّينِ وَلَا يَكُونُ لِحَمِيَّةِ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ إِنْ قَصَدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَإِعْزَازَ الدِّينِ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَوَفَّقَهُ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ لِحَمِيَّةِ نَفْسِهِ خَذَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّهُ بَلَغَنَا عَنْ عِكْرِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ بِشَجَرَةٍ تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، فَغَضِبَ وَقَالَ: هَذِهِ الشَّجَرَةُ تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَخَذَ فَأْسَهُ وَرَكِبَ حِمَارَهُ، ثُمَّ تَوَجَّهَ نَحْوَ الشَّجَرَةِ لِيَقْطَعَهَا، فَلَقِيَهُ إِبْلِيسُ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ فِي الطَّرِيقِ، عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ، فَقَالَ لَهُ: إِلَى أَيْنَ؟ فَقَالَ: رَأَيْتُ شَجَرَةً تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﷿، فَأَعْطَيْتُ اللَّهَ عَهْدًا أَنْ أَرْكَبَ حِمَارِي وَآخُذَ فَأْسِي، وَأَتَوَجَّهَ نَحْوَهَا فَأَقْطَعَهَا. فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: مَا لَكَ وَلَهَا؟ دَعْهَا وَمَنْ يَعْبُدُهَا أَبْعَدَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، فَتَخَاصَمَا وَتَضَارَبَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا عَجَزَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَرْجِعْ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ ارْجِعْ وَأَنَا أُعْطِيكَ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، فَتَرْفَعُ كُلَّ يَوْمٍ طَرْفَ فِرَاشِكَ فَتَأْخُذُهَا، فَقَالَ: أَوَتَفْعَلُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ ضَمِنْتُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَوَجَدَ ذَلِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ بَعْدَ ذَلِكَ رَفَعَ طَرْفَ فِرَاشِهِ فلَمْ يَرَ شَيْئًا، ثُمَّ مَرَّ يَوْمًا آخَرَ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لَا يَجِدُ الدَّرَاهِمَ أَخَذَ الْفَأْسَ وَرَكِبَ الْحِمَارَ، فَلَقِيَهُ إِبْلِيسُ عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ، فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: شَجَرَةً تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ أَقْطَعَهَا. فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، أَمَّا أَوَّلُ مَرَّةٍ فَكَانَ خُرُوجُكَ غَضَبًا لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَوِ اجْتَمَعَ أَهْلُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَا رَدُّوكَ، وَأَمَّا الْآنَ فَإِنَّمَا خُرُوجُكَ لِنَفْسِكَ حَيْثُ لَمْ تَجِدِ الدَّرَاهِمَ، فَلَئِنْ تَقَدَّمْتَ لَتَدُقَّنَّ عُنُقَكَ، فَرَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ وَتَرَكَ الشَّجَرَةَ.

1 / 98