61

Tanbih Ghafilin

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

Investigator

يوسف علي بديوي

Publisher

دار ابن كثير

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

Publisher Location

دمشق - بيروت

مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَالَ هَذِهِ الْكَرَامَاتِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: أَوَّلُهَا أَن يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴿٤٠﴾ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٤٠-٤١] الْآيَةُ. وَالثَّانِي أَنْ يَرْضَى بِالْيَسِيرِ مِنَ الدُّنْيَا لِأَنَّهُ رُوِيَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ ثَمَنَ الْجَنَّةِ تَرْكُ الدُّنْيَا، وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ حَرِيصًا عَلَى الطَّاعَاتِ، فَيَتَعَلَّقُ بِكُلِّ طَاعَةٍ، فَلَعَلَّ تِلْكَ الطَّاعَةَ تَكُونُ سَبَبًا لِلْمَغْفِرَةِ، وَوُجُوبِ الْجَنَّةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الزخرف: ٧٢]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأحقاف: ١٤]، وَإِنَّمَا يَنَالُونَ مَا يَنَالُونَ بِالِاجْتِهَادِ فِي الطَّاعَاتِ، وَالرَّابِعُ أَنْ يُحِبَّ الصَّالِحِينَ وَأَهْلَ الْخَيْرِ وَيُخَالِطَهُمْ وَيُجَالِسَهُمْ، فَإِنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ إِذَا غُفِرَ لَهُ يَشْفَعُ لِأَصْحَابِهِ وَإِخْوَانِهِ كَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، أَنَّهُ قَالَ: «أَكْثِرُوا الْإِخْوَانَ فَإِنَّ لِكُلِّ أَخٍ شَفَاعَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَالْخَامِسُ: أَنْ يُكْثِرَ الدُّعَاءَ، وَيَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَهُ الْجَنَّةَ، وَأَنْ يَجْعَلَ خَاتِمَتَهُ إِلَى خَيْرٍ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الرُّكُونُ إِلَى الدُّنْيَا مَعَ مَا يُعَايَنُ مِنَ الثَّوَابِ جَهْلٌ، وَإِنَّ تَرْكَ الْجُهْدِ فِي الْأَعْمَالِ بَعْدَمَا عُرِفَ ثَوَابُهُ عَجْزٌ، وَإِنَّ فِي الْجَنَّةِ رَاحَةً مَا يَجِدُهَا إِلَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الدُّنْيَا رَاحَةٌ، وَفِيهَا غِنًى لَا يَجِدُهُ إِلَّا مَنْ تَرَك فُضُولَ الدُّنْيَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْيَسِيرِ مِنَ الدُّنْيَا. وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الزُّهَّادِ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ بَقْلًا مِنْ غَيْرِ خُبْزٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ:

1 / 81