45

Tanbih Ghafilin

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي

Investigator

يوسف علي بديوي

Publisher

دار ابن كثير

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م

Publisher Location

دمشق - بيروت

أَبْشِرُوا فَإِنَّ للَّهِ تَعَالَى ثَلاثَ مِائَةً وَثَلَاثَ عَشْرَةَ شَرِيعَةً لَا يَأْتِي الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَعَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ كُنْهَ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَأَبْطَأْتُمْ فِي الْعَمَلِ. يَا أَخِي اسْتَعِدَّ لِمِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَالِاجْتِنَابِ عَنِ الْمَعَاصِي، فَإِنَّكَ عَنْ قَرِيبٍ تُعَايِنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَنْدَمُ عَلَى مَا فَاتَ مِنْ أَيَّامِ عُمْرِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا مُتَّ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُكَ. كَمَا قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ الْقِيَامَةَ الْقِيَامَةَ، إِنَّمَا قِيَامَةُ أَحَدِكُمْ مَوْتُهُ. وَذُكِرَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّهُ كَانَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ، فَقَامَ عَلَى الْقَبْرِ فَلَمَّا دُفِنَ قَالَ: أَمَّا هَذَا الْعَبْدُ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا مَاتَ فَقَدْ عَايَنَ أَمْرَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لِأَنَّهُ يَرَى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَالْمَلَائِكَةَ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى عَمَلٍ مِنَ الْأَعْمَالِ، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَضَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَخُتِمَ عَلَى عَمَلِهِ بِالْمَوْتِ، فَيَقُومُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ. فَطُوبَى لِمَنْ كَانَتْ خَاتِمَتُهُ بِالْخَيْرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَاسِطِيُّ: الدُّوَلُ ثَلَاثٌ: دَوْلَةُ الْحَيَاةِ وَدَوْلَةٌ عِنْدَ الْمَوْتِ وَدَوْلَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَأَمَّا دَوْلَةُ الْحَيَاةِ فَإِنَّهُ يَعِيشُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا دَوْلَتُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِأَنْ تَخْرُجَ رُوحُهُ مَعَ شِهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَمَّا الدَّوْلَةُ الصَّحِيحَةُ فَدَوْلَةُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْبُشْرَى فَحِينَ يَخْرُجُ مِنْ قَبْرِهِ يَأْتِيهِ الْبَشِيرُ بِالْجَنَّةِ وَذُكِرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ الرَّازِيِّ ﵀، أَنَّهُ قُرِئَ فِي مَجْلِسِهِ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا﴾ [مريم: ٨٥]، أَيْ رُكْبَانًا. ﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾ [مريم: ٨٦]، يَعْنِي مُشَاةً عِطَاشًا. فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ مَهْلًا مَهْلًا غَدًا تُحْشَرُونَ إِلَى الْمَوْقِفِ، حَشْرًا حَشْرًا، وَتَأْتُونَ مِنَ الْأَطْرَافِ فَوْجًا فَوْجًا، وَتُوقَفُونَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَرْدًا فَرْدًا، وَتُسْأَلُونَ عَمَّا فَعَلْتُمْ حَرْفًا حَرْفًا، وَتُقَادُ الْأَوْلِيَاءُ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا وَفْدًا، وَيُرَدُّ الْعَاصُونَ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ وِرْدًا وِرْدًا، وَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ حِزْبًا حِزْبًا، وَكُلُّ هَذَا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا. وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا، وَيُجَاءُ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ وَيْلًا وَيْلًا.

1 / 65