Tanbih Ghafilin
تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي
Investigator
يوسف علي بديوي
Publisher
دار ابن كثير
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
Publisher Location
دمشق - بيروت
نَسْمَعَ مِنْكَ شَيْئًا، فَقَالَ: إِنِّي مَشْغُولٌ بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ فَلَوْ فَرَغْتُ مِنْهَا لَجَلَسْتُ مَعَكُمْ، قِيلَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: أَوَّلُهَا أَنِّي تَفَكَّرْتُ يَوْمَ الْمِيثَاقِ حِينَ أُخِذَ الْمِيثَاقُ مِنْ بَنِي آدَمَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﷻ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ، هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي وَهَؤُلَاءِ فِي النَّارِ وَلَا أُبَالِي، فَلَمْ أَدْرِ مِنْ أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ كُنْتُ أَنَا، وَالثَّانِي تَفَكَّرْتُ بِأَنَّ الْوَلَدِ إِذَا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى بِخَلْقِهِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَنُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ، فَقَالَ الْمَلَكُ الَّذِي وُكِّلَ بِهِ: يَا رَبِّ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، فَلَمْ أَدْرِ كَيْفَ خَرَجَ جَوَابِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَالثَّالِثُ حِينَ يَنْزِلُ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْبِضَ رُوحِي فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَمَعَ الْمُسْلِمينَ أَمْ مَعَ الْكَافِرِينَ، فَلَا أَدْرِي كَيْفَ يَخْرُجُ جَوَابِي، وَالرَّابِعُ تَفَكَّرْتُ فِي قَوْلِ اللَّهِ ﷾: ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ [يس: ٥٩]، فَلَا أَدْرِي مِنْ أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ أَكُونُ.
طُوبَى لِمَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ الْفَهْمَ، وَأَيْقَظَهُ مِنْ سِنَةِ الْغَفْلَةِ، وَوَفَّقَهُ لِلتَّفْكِيرِ فِي أَمْرِ خَاتِمَتِهِ، فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ خَاتِمَتَنَا فِي خَيْرٍ، وَيَجْعَلَ خَاتِمَتَنَا مَعَ الْبِشَارَةِ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَهُ بِشَارَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ مَوْتِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ [فصلت: ٣٠]، يَعْنِي آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَثَبَتُوا عَلَى الْإِيمَانِ.
وَيُقَالُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا يَعْنِي أَدَّوُا الْفَرَائِضَ وَنَهَوْا عَنِ الْمَحَارِمِ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ الرَّازِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَعْنِي اسْتَقَامُوا أَفْعَالًا كَمَا اسْتَقَامُوا أَقْوَالًا، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: اسْتَقَامُوا عَلَى السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ.
يَعْنِي عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَاسْتَقَامُوا.
تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ الْمَوْتِ الْمَلَائِكَةُ بِالْبِشَارَةِ أَنْ لَا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا يَعْنِي يَقُولُونَ لَهُمْ لَا تَخَافُوا، مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ، يَعْنِي الْجَنَّةَ الَّتِي وَعَدَكُمُ اللَّهُ بِهَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ ﷺ.
وَيُقَالُ: الْبِشَارَةُ عِنْدَ الْمَوْتِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: أَوَّلُهَا: لِعَامَّةِ الْمُؤْمِنينَ، يُقَالُ لَهُمْ: لَا تَخَافُوا تَأْبِيدَ الْعَذَابِ، يَعْنِي لَا تَبْقُونَ فِي الْعَذَابِ أَبَدًا، وَيَشْفَعُ لَكُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ، وَلَا تَحْزَنُوا عَلَى
1 / 42