كلامه لمن يعرف فسقه وإذا لم يكن عليه ذلك علم أنه يفضي إلى تطويل اللسان في عرضه بالإنكار فنقول: ليس له ذلك.
وأما إذا كان الفاسق قادرًا على الإنكار باليد لزمه ذلك، وفسقه وارتكابه لذلك الفعل الذي ينهي عنه لا يخرج الفعل عن كونه حقًا، كما أن من ذب الظالم من آحاد المسلمين، وأهمل أباه وهو مظلوم معهم ينفر عنه الطبع، ولا يخرج فعله عن كونه حقًا، فلا تشترط العدالة في / الحسبة القهرية ولا حجر على الفاسق في إراقة الخمر وكسر الملاهي وغيرها إذا قدر عليها والله أعلم.
قلت: ومما يدل على أن للفاسق أن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر قوله ﷺ: «إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر».
٤ - فصل
يشترط في الفعل الذي يجب إنكاره أن يكون منكرًا سواء كان صغيرة أو كبيرة، إذ لا يختص وجوب الإنكار بالكبائر دون الصغائر.
ولا يشترط في كونه منكرًا أن يكون معصية فإنّ من رأى صبيًا أو مجنونًا يشرب الخمر فعليه أن يريق الخمر ويمنعه من شربه، وكذا من رأى مجنونًا يزني بمجنونة أو بهيمة وجب عليه منعه، وإن كان في خلوة، وهذا لا يسمى في حق المجنون معصية.
٥ - فصل
ويشترط أيضًا أن يكون المنكر موجودًا، فمن غرب من شرب الخمر مثلًا لم يكن لآحاد الرعية الإنكار عليه بغير الوعظ إذا صحي من سكره، بل الأفضل
1 / 37