سعيد، على الكافر العنيد، فيما افتراه على الله في التوحيد" فقال:
"باب الحد والعرش"
قال أبو سعيد: وادعى المعارض أيضًا أنه ليس لله حد ولا غاية ولا نهاية، قال: وهذا هو الأصل الذي بنى عليه جهم جميع ضلالاته، واشتق منها جميع أغلوطاته، وهي كلمة لم يبلغنا أنه سبق جهما إليها أحد من العالمين. فقال له قائل ممن يحاوره: قد علمت مرادك أيها الأعجمي، تعني أن الله لا شيء، لأن الخلق كلهم قد علموا أنه ليس شيء يقع عليه اسم شيء إلا وله حد وغاية وصفة، وأن لا شيء ليس له حد ولا غاية ولا صفة، فالشيء أبدًا موصوف لا محالة، ولا شيء يوصف بلا حد ولا غاية، وقولك لا حد له تعني أنه لا شيء، قال أبو سعيد: والله تعالى له حد لا يعلمه أحد غيره ولا يجوز لأحد أن يتوهم لحده غاية في نفسه، لكن يؤمن بالحد وبكل علمه. انتهى.
إذا فهمت هذا وتحققته، تبين لك منافاة ما قاله الناظم والشارح لكلام أئمة السلف رضوان الله عليهم، لأن مرادهم في قولهم بلا حد كما قال أحمد وهو على العرش بلا حد، وقوله: وكما وصف نفسه سميع بصير بلا حد، وقوله لا يصفه الواصفون ولا يحده أحد. فمرادهم بقوله بلا حد، معناه ما ذكره شيخ الإسلام قدس الله روحه بقوله بلا حد ولا صفة يبلغها واصف أو يحده أحد نفى به إحاطة علم الخالق به، وأن يحدوه أو يصفوه على ما هو عليه إلا بما أخبر به عن نفسه ليتبين أن عقول الخلق لا تحيط بصفاته كما قال الشافعي في خطبة الرسالة: الحمد لله الذي هو كما وصف به نفسه وفوق
1 / 47