فأقول: اعلم وفقك الله أن هذا الكلام الذي أورده الشارح في هذا المقام من الألفاظ المجملة الموهمة المطلقة المحتملة لمعنيين حق وباطل فلا ينفصل النزاع إلا بتفصيل تلك المعاني وتنزيل ألفاظها عليها كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى على هذه الألفاظ المبتدعة المخترعة التي لم ينطق بها سلف الأمة وأئمتها، ويقولون نحن ننزه الله تعالى عن الأعراض والأغراض والأبعاض والحدود والجهات وحلول الحوادث، فيسمع الغر المخدوع هذه الألفاظ فيتوهم منها أنهم ينزهون الله عما يفهم من معانيها عند الإطلاق من العيوب والنقائص والحاجة فلا يشك أنهم يمجدونه، ويعظمونه ويكشف الناقد البصير ما تحت هذه الألفاظ فيرى تحتها لإلحاد وتكذيب الرسل وتعطيل الرب تعالى عما يستحقه من كماله – إلى آخر كلامه. وقد تقدم.
وقال شيخ الإسلام قدس الله روحه: وكذلك إذا قالوا إن الله منزه عن الحدود والأحياز والجهات أوهموا الناس بأن مقصودهم بذلك أنه لا تحصره المخلوقات ولا تحوزه المصنوعات، وهذا المعنى صحيح مقصودهم أنه ليس مباينا للخلق ولا منفصلا عنه، وأنه ليس فوق السموات ولا على العرش إله، وأن محمدًا لم يعرج به إليه ولم ينزل منه شيء ولا يصعد إليه شيء ولا يتقرب إليه بشيء ولا ترفع الأيدي إليه في الدعاء ولا غيره ونحو ذلك من معاني الجهمية. انتهى.
فإذا تبين لك هذا فاعلم أن قول الشارح على هذه اللفظة المحتملة الموهمة المطلقة حيث قال: تعالى الله أن يحد وفيه الرد على من زعم أنه يلزم
1 / 41