في العقل والنقل أقوال أهل التفويض فنذكر من ذلك ما يدل على بطلانه وأنه من شر أقوال أهل البدع والإلحاد. قال شيخ الإسلام قدس الله روحه في صفحة خمسة عشر ومائة في الوجه السادس عشر وأما التفويض فمن المعلوم أن الله تعالى أمرنا أن نتدبر القرآن وحضنا على عقله وفهمه فكيف يجوز مع ذلك أن يراد منا الإعراض عن فهمه ومعرفته وعقله؟ فذكر أقوال الفلاسفة ثم قال: والجهمية والمعتزله وأمثالهم يقولون أنه أراد أن يعتقدوا الحق على ما هو عليه مع علمهم بأنه لم يبين ذلك في الكتاب والسنة بل النصوص تدل على نقيض ذلك فأولئك يقولون أراد منهم اعتقاد الباطل وأمرهم به، وهؤلاء يقولون أراد اعتقاد ما لم يدلهم إلا على نقيضه، والمؤمن يعلم بالاضطرار أن كلا القولين باطلا ولابد للنفاة أهل التأويل من هذا أو هذا، وإذا كان كلاهما باطلا كان تأويل النفاة للنصوص باطلا فيكون نقيضه حقا وهو إقرار الأدلة الشرعية على مدلولاتها ومن خرج عن ذلك لزمه الفساد ما لا يقوله أهل الإلحاد، وما ذكرناه من لوازم قول أهل التفويض هو لازم لقولهم الظاهر المعروف بينهم إذ قالوا إن الرسول كان يعلم معاني هذه النصوص المشكلة المتشابهة ولكن لم يبين للناس مراده بها ولا أوضحه إيضاحا يقطع به النزاع. وأما على قول أكابرهم إن معاني هذه النصوص المشكلة المتشابهة لا يعلمه إلا الله، وأن معناها الذي أراده الله بها هو ما يوجب صرفها عن ظواهر – فعلى قول هؤلاء يكون الأنبياء والمرسلون لا يعلمون معاني ما أنزل الله عليهم من هذه النصوص ولا
1 / 35