الغرض من تأليف الكتاب ... تنبيه ذوي الألباب السليمة عن والوقوع في الإلفاظ المبتدعة الوخيمة تأليف: سليمان بن سحمان النجدي الحنبلي بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين من سليمان بن سحمان، إلى جناب عالي الجناب، الأخ المكرم الأخشم الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع سلمه الله تعالى وهداه، وحفظه وتولاه، وجعله من حزبه وأوليائه، الذين يغضبون لغضبه، ويرضون لرضاه، آمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأزكى وأشرف تحياته أما بعد: فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو وهو للحمد أهل وهو على كل شيء قدير، على ما أولاه من نعمه وصرف عنا من نقمه، والخط الشريف وصل وصلك الله إلى خيري الدنيا والأخرى، وما ذكرته كان معلوما خصوصا ما ذكرته من جهة المرزوقي فاعلم يا أخي أنه قد تبينت لنا حاله، فلا يروج علينا في الإخوان ما لفه وقاله، فلا يهمنك أمره، وقد اجتمعنا بك في البحرين ولم نسمع منك إلا ما يسرنا من حسن العقيدة ومحبة هذه الدعوة وأهلها والسعي في نشر ما ذكره وألفه شيخ الإسلام، وقدوة العلماء الأعلام، الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أجزل الله له الأجر والثواب، فلا نقبل بعد ذلك إلا ما تحققناه بأن لنا كالشمس في نحر الظهيرة. والقول السديد والكواكب الدرية وصلت إلينا فلما قرأت ديباجة الكواكب الدرية ومر بسمعي قولك: وقد كنت قرأت في تراجم بعض الأفاضل من الحنابلة، كالشيخ العلامة حسن الشطي، والشيخ الإمام

1 / 2

محمد بن علي بن سلوم، لم تسمح نفسي بسماعها، بعد أن ذكرت هذين الرجلين، لأنه قد كان من المعلوم عندنا لما تحققناه من مشايخنا، أن محمد بن علي بن سلوم ليس هو من أئمة أهل الإسلام، ولا من الأفاضل الأعلام، بل كان ممن شرق بهذا الدين ولم يرفع به رأسا، بل عاداه وعادى أهله، واتبع غير سبيل المؤمنين، وكان من المعلوم أيضا عندنا أن آل الشطي من أئمة الضلال وممن يدعو إلى دعاء الأنبياء والأولياء والصالحين، ويجيزون الاستغاثة بهم في المهمات والملمات، ومن هذا سبيله فليس هو من الأئمة الأعلام ولا من أفاضل أهل الإسلام، وإن كانوا من الحنابلة. ثم إني بعد برهة من الزمان أشرفت على ورقة اعترض صاحبها على أشياء مما في هذين الكتابين مما يخالف ما ذكره المحققون من أهل السنة والجماعة الذين هم الأسوة وبهم القدوة، وقد ذكرت لي أني إن عثرت على شيء مما يذكره المعارضون لها مما يخالف الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة وأئمتها أني أبين ذلك لك وأنك ترجع في ذلك إلى الحق والصواب مما قاله السلف الصالح رضوان الله عليهم وهذا هو الحق على من كان مقصوده طلب الحق والانصاف، وترك التعصب والاعتساف، فلما تأملت ما في هذه الورقة وقابلتها بما في هذين الكتابين من الأشياء المخالفة لما عليه المحققون من السنة والجماعة أحببت أن أنبهك على ذلك.
معنى صلاة الله على رسوله وصلاة الناس والملائكة عليه ومذهب السلف في الإيمان بالإستواء وترك التعمق بنفي المماسة والعكس والحلول ... فمن ذلك ما ذكره الشارح على قوله: * ثم الصلاة والسلام سرمدا* قال: الصلاة من الله الرحمة، ومن

1 / 3

الملائكة الاستغفار ومن غيرهم التضرع والدعاء بخير. وهذا خطأ، والصواب: ما ذكره البخاري في صحيحه عن أبي العالية قال: صلاة الله ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى. وإذا كان هذا الصواب في المسألة فلا ينبغي للعالم أن يترك ما هو الراجح المقطوع به ويذكر القول المرجوح الذي لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا ذكره المحققون من أهل العلم وإن كانت هذه المسألة أخف مما بعدها، والله المستعان. ومنها ما ذكره في الكواكب في صفحة أربعة وعشرين قال في معنى الاستواء: "استواء منزها عن المماسة والتمكن والحلول". فاعلم أن هذا القول قول مبتدع مخترع لم يذكره أحد من أهل العلم من سلف هذه الأمة وأئمتها الذين لهم قدم صدق في العالمين، وقد تقرر أن مذهب السلف وأئمة الإسلام عدم الزيادة والمجاوزة لما في الكتاب والسنة وأنهم يقفون وينتهون حيث وقف الكتاب والسنة وحيث انتهيا. قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: لا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ﷺ. انتهى. وذلك لعلمهم بالله وعظمته في صدورهم وشدة هيبتهم له وعظيم جلاله، ولفظ المماسة لفظ مخترع مبتدع، لم يقله أحد ممن يقتدى به ويتبع، فإن أريد به نفي ما دلت عليه النصوص من الاستواء والعلو والارتفاع والفوقية، فهو قول باطل ضال قائله، مخالف للكتاب والسنة ولإجماع سلف الأمة مكابر للعقول الصحيحة والنصوص الصريحة وهو جهمي لا ريب من جنس ما قبله،

1 / 4

وإن لم يرد هذا المعنى بل أثبت العلو والفوقية والارتفاع الذي دل عليه لفظ الاستواء فيقال فيه: هو مبتدع ضال، قال في الصفات قولا مشتبها موهما، فهذا اللفظ لا يجوز نفيه ولا إثباته، والواجب في هذا الباب متابعة الكتاب والسنة والتعبير بالعبارات السلفية الإيمانية، وترك المتشابه. هذا ما ذكره شيخنا الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن حسن في جوابه على بعض الجهمية. وأما قول الشارح في صفحة خمس وعشرين منه: فمذهب السلف الصالح أن الله تعالى مستو على عرشه حقيقة من غير مماسة، فقوله من غير مماسة، قول على السلف بلا علم ولا برهان كما قدمنا بيانه، اللهم إلا أن يكون من قول بعض من ينتسب إلى السلف من أهل الكلام الذين لا يعتد بقولهم، ولا يعول عليه في هذا الباب لأن هذا الفظ لم يرد في كتاب، ولا سنة، ولا قول صاحب، ولا قول أحد من الأئمة. زمن زعم هذا فعليه الدليل.
قول ابن الماجشون في الإيمان بالصفات بدون بحث في الكيفية ... والدليل على بطلان هذه الزيادة ما قاله الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وهو أحد أئمة المدينة الثلاثة الذين هم: مالك بن أنس، وابن الماجشون، وابن أبي ذئب. وقد سئل عما جحدت الجهمية: "أما بعد: فقد فهمت ما سألت فيما تتابعت الجهمية ومن خالفها في صفة الرب العظيم الذي فاقت عظمته الوصف والتقدير، وكلت الألسن عن تفسير صفته، وانحسرت العقول دون معرفة قدره، وردت عظمته العقول فلم تجد مساغا فرجعت خاسئة وهي حسيرة، وإنما أمروا بالنظر والتفكر فيما خلق بالتقدير

1 / 5

وإنما يقال "كيف" لمن لم يكن مرة ثم كان، فأما الذي لا يحول ولا يزول ولم يزل وليس له مثل فإنه لا يعلم كيف هو إلا هو، وكيف يعرف قدر من لم يعد زمن لم يمت ولا يبلى، وكيف يكون لصفة شيء منه حد أو منتهى يعرفه عارف أو يحد قدره واصف، على أنه الحق المبين لا حق أحق منه ولا شيء أبين منه، الدليل على عجز العقول عن تحقيق صفته، عجزها عن تحقيق صفة أصغر خلقه، لا تكاد تراه صغرًا يحول ويزول ولا يرى له سمع ولا بصر لما يتقلب به ويحتال من عقله اعضل بك وأخفى عليك لما ظهر من سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين وخالقهم، وسيد السادة ربهم ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ اعرف رحمك الله غناك عن تكلف صفة ما لم يصف الرب نفسه بعجز عن معرفة قدر ما وصف منها، إذا لم تعرف قدر ما وصف منها فما تكلفك على ما لم يصف؟ هل تستدل بذلك على شيء من طاعته، أو تنزجر به عن شيء من معصيته، فأما الذي جحد ما وصف الرب من نفسه تعمقا وتكلفا قد استهوته الشياطين في الأرض حيران، فصار يستدل بزعمه على جحد ما وصف الرب وسمى من نفسه بأن قال لابد إن كان له كذا من أن يكون له كذا فعمى عن البين بالخفي ويجحد ما سمى الرب بصمت الرب عن ما لم يسم منها" إلى آخر كلامه ﵀.
سكوت السلف عما عما تكلفه المتكلمون من نفي الجوهر والعرض والجسم عنه تعالى ... والمقصود من ذلك قوله: اعرف رحمك الله غناك عن تكلف صفة ما لم يصف الرب نفسه بعجزك عن معرفة قدر ما وصف منها، إذا لم

1 / 6