وفسر ما ورد في هذه الأشعار من ألحان الحمام أن المراد به اللغات. وإنما المراد به اللحن الذي هو ضرب من الأصوات المصوغة للتغني؛ ودليل ذلك قوله:
مُطوَّقةٌ على فَنَنٍ تغَنَّى
وقول الآخر:
يُرَدِّدَانِ لُحُونًا ذاتَ ألوانِ
إنما أراد ذات ألوان من الترجيع كما قال في البيت قبله:
....بِتَرجِيع وإرْنانِ
* * * وفي " ص ٦ س ١٦ " قال أبو علي ﵀ وأصل اللحن أن تريد الشيء فتورِّى عنه، كقول رجل من بني العنبر كان أسيرًا في بكر بن وائل. وذكر الخبر بطوله، وفسَّرَ ما فيه إلى قوله: يريد بقوله: إن العرفج قد أدبى: أن الرجال قد استلاموا، أي لبسوا الدروع ليس في قوله: " إن العرفج قد أدبى " دليل على ما ذكره أبو علي ﵀ ولا من عادة العرب أن تلبس الدروع إلا في حال الحرب. وأما في بيوتها قبل الغزو فذلك غير معروف، وإنما أراد بذلك أن يؤذنهم وقت الغزو، وينبتهم على التيقظ والحذر. قال أبو نصر ﵀: إدباءُ العرفج: أن يتسق نبته ويتأزر، وإذا اتَّسق النبت وتأزر أمكن الغزو. وقال أبو زياد ﵀: العرفج: نبت طيب الريح أغبر إلى الخضرة، له زهرة صفراء ولا شوك له؛ ويقال له إذا اسودَّ عوده حتى يستبين فيه النبات: قد أقمل، فإذا زاد قليلا، قيل: قد ارقاطَّ، فإذا زاد قليلا، قيل: قد أدبى، وهو حينئذ قد صلح أن يؤكل، فإذا أعتم وطفحت خوصته وأكلأ، وقيل: قد أخوص، فإذا ظهرت عليها خُضرة الرِّيِّ، قيل: عرفجة خاضبة. ومنابت العرفج يقال لها: المشاقر، وهي أيضا: الحومان، وتكون في السهل والجبل.
1 / 17