ولم يقل: تنهلان؛ وقال الفرزدق:
ولو بَخِلَت يدايَ بها وضَنَّتْ ... لكان عَليَّ للقَدَر الخِيَارُ
والتزم هذا الشاعر اللام قبل التاء في جميع هذه الأبيات وليست بواجبة، لأن حرف الروي إنما هو التاء؛ وقد يلتزم المدلُّ ما لا يجب عليه ثقةً بنفسه وشجاعة في لفظه وذلك موجود كثير.
* * * وفي " ص ٩١ س ٧ " وأنشد أبو علي ﵀ لرجل من بني تميم:
ولمّا رأينَ بني عاصِم ... دَعَوْن الذي كُنَّ أُنْسِينَهُ
فَوارَيْنَ ما كنّ حَسَّرْنَهُ ... وأخْفَيْنَ ما كُنَّ يُبْدِينَهُ
وقال أبو علي ﵀: يصف نساء سُبين فأُنسين الحياء فأبدين وجوههن وحسرن رءوسهن، فلما رأين بني عاصم أيقنّ أنهن قد استنقذن فراجعن حياءهن. إنما رواه العلماء:
ولمّا رأينَ بني عاصِم ... ذكرنَ الذي كُنَّ أُنْسِينَهُ
وهذه الرواية أشبه بتفسير أبي علي وقوله راجعن حياءهن؛ ولا مدخل للدعاء هاهنا، ولا هناك مدعوٌّ يدعى. وفي هذه الرواية مع صحَّة معناها الصناعة التي تُسمى المطابقة. وهذا التميمي الذي أنشد له الشعر، وهو ذو الخرق الطهوي؛ ومثله في المعنى قول رجل من بني عجل:
ويومٍ يُبِيلُ النساءَ الدِّماء ... جَعَلْتَ رِداءك فيه خِمارا
ففرَّجتَ عنهن ما يتَّقِين ... وكنت المحَامِيَ والمُستَجارا
1 / 40