كذا رواه عامة العلماء، يريد حصَّتِ البيضة هامته فصلع، وليس ذلك من كبر، لأنه لم يشمط بعد، كما قال أبو قيس بن الأسلت:
قد حصَّتِ البَيضَةُ رأْسِي فما ... أَطْعَمُ نومًا غَيرَ تَهجَاعِ
وأحمر أزرق من نعت الرومي. وكان من خبر هذا الشعر: أن ابن سبرة كان في جمع من المسلمين اتّبعوا فلًاّ للروم هزموهم حتى انتهوا إلى جسر خلطاس، فحمى الروم قائد لهم - وهو هذا الاطربون المذكور - وراءهم، فجعل لا يبرز إليه أحد من المسلمين إلا قتله، فلما رأى ابن سبرة ذلك نزل إلى الروميّ وقد نكل الناس عنه، فمشى كلّ واحد منهما إلى صاحبه والناس ينظرون، فبدره الرومي الضربة فأصاب يد ابن سبرة، وعانقه ابن سبرة واعتقله فصرعه وقعد على صدره، وبادره المسلمون، فناشدهم أن يتوقفوا عنه حتى يقتله هو بيده، ففعل؛ فذلك قوله:
فإن يكن أُطْرُبُونُ الرُّومِ قَطَّعَها ... فقد تركتُ بها أَوصالَه قِطَعَا
وإن يكن أُطُرُبُونُ الروم قطّعها ... فإنّ فيها بحمد الله مُنْتَفَعَا
بَنَانَتَينِ وجُذمَورًا أُقِيمُ بها ... صَدْر القَناةِ إذا ما آنَسُوا فَزَعَا
أراد بالجذمور: أصل الإصبع. والجذمور والجذمار: قطعة تبقى من السعفة إذا قُطعت؛ وأنشد ثعلب عن ابن الأعرابي في الجذمور أصل الإصبع، وهو من أبيات المعاني:
وكنت إذا أدْرَرْتَ منها حَلُوبةً ... بجُذمُورِ ما أَبقى لَك السَّيفُ تَغضَبُ
قال: هذا رجل قُطعت أصابعه وبقيت أُصولها فأخذ ديتها إبلا؛ فقال له الشاعر: متى تدرر منها حلبا تذكر فاعل ذلك بك فتغضب.
1 / 33