أدام الله سلطانه، وحرس عزه ومكانه بمعاينة الآثار، وشهادة الأخبار، وإجماع الأولياء وإصفاق الأعداء، كافل المجد، وكافي الخلق، وواحد الدهر وغرة الدنيا. ومفزع الورى، وحسنة العالم، ونكتة الفلك الدائر، فبلغه الله تعالى أقصى نهايات العمر، كما بلغه أبعد غايات الفخر، وملكه أزمة الأرض، كما ملكه أعنة الفضل. وأدام حسن النظر للعباد والبلاد بإدامة أيامه، التي هي أعياد الدهر، ومواسم اليمن والأمن، ومطالع الخير والسعد، وزاد دولته شبابًا ونموًا، كما زاده في السن علوًا، حتى تكون السعادات وفد بابه، والبشائر قرى سمعه، والمسار غذاء نفسه، يترامى به الإقبال إلى حيث لا يبلغه أمل، ولا يقطعه أجل.
وبعد: فلمولانا الأمير الأجل شمس المعالي أدام الله علوه، وكبت عدوه عبيد ينتمون إلى شرف خدمته، وإن أقعدتهم العوائق عن كعبة الملك من حضرته، - حرسها الله وآنسها - ومنهم هذا العبد الذي شعاره الاعتزاء إلى خدمته، والاعتزاز بالعبودية لسدته. ودأبه خدمة الأدب، ومنادمة الكتب؛ ليتدرج منها إلى خدمة المجلس العالي - أدام الله جلاله وجماله - بما يجري في زمرة العبيد والخدم اسمه، ويجدد في صحيفة المتقربين إليه ذكره. وقد كان لما ورد الحضرة العالية - أدام الله علوها - ووصل منها إلى رواق العز، واكتحل بشخص المجد. خدمها بكتاب من بنات فكره، مترجم بالمبهج، فاشتمل عليه جناح القبول، وتفتق معه نور المأمول. وحين صدر عنها - وقد درت عليه سحائب الإنعام، وأجنت له ثمرات الإكرام، واستصحب الأمان من الزمان - تعاور المستعيرون انتساخ الكتاب، حتى
1 / 4