Tamhid Tarikh Falsafa Islamiyya
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
Genres
بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء ، فدل اشتراط المشيئة في هذه الآية الثانية على أنه مراد في الآية الأولى، وربما وردت الآية مجملة ثم يفسرها الحديث، كالآيات الواردة مجملة في الصلاة والزكاة والصيام والحج، ثم شرحت السنة والآثار جميع ذلك، ولأجل هذا صار الفقيه مضطرا في استعمال القياس إلى الجمع بين الآيات المفترقة وبين الأحاديث المتغايرة وبناء بعضها على بعض، ووجه الخلاف العارض في هذا الموضع أنه ربما أخذ بعض الفقهاء بمفرد الآية أو بمفرد الحديث، وبنى آخر قياسه على جهة التركيب الذي ذكرنا، بأن يأخذ بمجموع آيتين أو بمجموع حديثين، أو بمجموع آيات أو بمجموع أحاديث، فيفضي بهما الحال إلى الخلاف فيما ينتجانه، فعلى مثل هذا ركبت القياسات وأنتجت النتائج، ووقع الخلاف بين أصحاب القياس. وخالفهم قوم آخرون لم يروا القياس، ورأوا الأخذ بظاهر الألفاظ، فنشأ من ذلك نوع آخر من الخلاف، ومما اختلفت فيه أقوال الفقهاء من هذا الباب ما يكون لأخذ كل واحد منهم بحديث مفرد اتصل به ولم يتصل به سواه. (4)
الخلاف العارض من جهة العموم والخصوص، وهو نوعان؛ أحدهما: يعرض في موضوع اللفظة المفردة. والثاني: يعرض في التركيب. فالأول:«كالإنسان»، يستعمل عموما نحو قوله تعالى:
إن الإنسان لفي خسر ، ويدل على أنه لفظ عام لا يخص واحدا دون آخر قوله:
إلا الذين آمنوا
فإن الاستثناء لا يكون إلا من جملة، ويستعمل خصوصا نحو ذلك: جاءني الإنسان، تريد شخصا معينا.
والثاني: نحو قوله تعالى:
لا إكراه في الدين . قال قوم: هذا خصوص في أهل الكتاب لا يكرهون على الإسلام إذا أدوا الجزية، وقال قوم: هي عموم ثم نسخت بقوله:
جاهد الكفار والمنافقين ، وقد يأتي من هذا الباب ما موضوعه في اللغة على العموم ثم تخصصه الشريعة كالمتعة، فإنها عند العرب اسم لكل شيء استمتع به لا يخص به شيء دون آخر، ثم نقلت عن ذلك واستعملت في الشريعة على ضربين؛ أحدهما: المتعة التي كانت مباحة في أول الإسلام، ثم نهي عنها ونسخت بالنكاح والولي.
والثاني: ما تمتع به المرأة من مهرها، كقوله تعالى:
ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ، وقد وقع الخلاف في قوله تعالى:
Unknown page