Tamhid Tarikh Falsafa Islamiyya
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
Genres
وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن . قال قوم: معناه وترغبون في نكاحهن لما لهن، وقال آخرون: إنما أراد وترغبون عن نكاحهن لدمامتهن وقلة ما لهن، ومنه قول علي رضي الله عنه: «أيها الناس، أتزعمون أني قتلت عثمان؟ ألا وإن الله قتله وأنا معه.» أراد علي - رضي الله عنه - أن الله قتله وسيقتلني معه، فعطف «أنا» على «الهاء» من «قتله»، وجعل «الهاء» في «معه» عائدة على عثمان، وتأوله الخوارج على أنه عطف «أنا» على الضمير الفاعل في قتله، أو على موضع المنصوب بأن، كما تقول: إن زيدا قائم وعمرو، فترفع عمرا عطفا على موضع زيد وما عمل فيه، وجعلوا الضمير في قوله معه عائدا على الله تعالى، فأوجبوا عليه من هذا اللفظ أنه شارك في قتل عثمان رضي الله عنه.
ومن الدال على معان مختلفة غير متضادة قوله تعالى:
وما قتلوه يقينا ، فإن قوما يرون الضمير من «قتلوه» عائدا إلى المسيح
صلى الله عليه وسلم ، وقوما يرونه عائدا إلى العلم المذكور في قوله:
ما لهم به من علم إلا اتباع الظن
فيجعلونه من قول العرب: «قتلت الشيء علما»، ومنه قوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون . اختلفوا في هذا التشبيه: من أين وقع؟ فذهب قوم إلى أن التشبيه إنما وقع في عدد الأيام، واحتجوا بحديث رووه: أن النصارى فرض عليهم في الإنجيل صوم ثلاثين يوما، وأن ملوكهم زادوا فيها تطوعا حتى صيروها خمسين، وذهب آخرون إلى أن التشبيه إنما وقع في الفرض لا في عدد الأيام.
يقول البطليوسي: وهذا القول هو الصحيح، وإن كان القولان جائزين في كلام العرب، فإنك إذا قلت: أعطيت زيدا كما أعطيت عمرا، احتمل أن تريد تساوي العطيتين، واحتمل أن تريد تساوي الإعطائين، وإن أعطيت أحدهما خلاف ما أعطيت الآخر. (2)
الخلاف العارض من جهة الحقيقة والمجاز، وقد ذهب قوم إلى إثباته. يقول صاحب «الإنصاف»: «وإنما كلامنا فيه على مذهب من أثبته؛ لأنه الصحيح الذي لا يجوز غيره.» والمجاز ثلاثة أنواع: نوع يعرض في موضوع اللفظة، ونوع يعرض في أحوالها المختلفة عليها من إعراب وغيره، ونوع يعرض في التركيب وبناء بعض الألفاظ على بعض. فمثال النوع الأول: السلسلة، فإن العرب تستعملها حقيقة وتستعملها مجازا بمعنى الإجبار والإكراه؛ كقوله
صلى الله عليه وسلم : «عجبت لقوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل.» بمعنى المنع من الشيء والكف عنه، كقول أبي خراش الشاعر المخضرم التابعي:
Unknown page