256

Al-Tamhīd

التمهيد

Editor

مصطفى بن أحمد العلوي ومحمد عبد الكبير البكري

Publisher

وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية

Publication Year

1387 AH

Publisher Location

المغرب

وَقَدْ زَعَمَتْ طَائِفَةٌ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيَّ وَكَانَ إِمَامَ أَهْلِ زَمَانِهِ ذَهَبَ إِلَى إِبَاحَةِ الشُّرْبِ مِنَ الْمُسْكِرِ مَا لَمْ يُسْكِرْ وَهَذَا لَوْ صَحَّ عَنْهُ لَمْ يُحْتَجَّ بِهِ عَلَى مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَّبِعِينَ فِي تَحْرِيمِ الْمُسْكِرِ مَا ثَبَتَ مِنَ السُّنَّةِ وَأَنَا أَذْكُرُ مَا حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ لِيَتَبَيَّنَ لَكَ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَمَا ظَنُّوا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ فِي الِاخْتِلَافِ اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ أن عصير العنب إذ اشْتَدَّ وَغَلَا وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ فَهُوَ خَمْرٌ وَمُسْتَحِلُّهُ كَافِرٌ وَاخْتَلَفُوا فِي نَقِيعِ التَّمْرِ إِذَا غَلَا وَأَسْكَرَ قَالَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي كثير عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﵇ أَنَّهُ قَالَ الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَبِلُوا الْحَدِيثَ لَكَفَّرُوا مُسْتَحِلَّ نَقِيعِ التَّمْرِ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْخَمْرِ الْمُحَرَّمَةِ غَيْرُ عَصِيرِ الْعِنَبِ الَّذِي قَدِ اشْتَدَّ وَبَلَغَ أَنْ يُسْكِرَ قَالَ ثُمَّ لَا تَخْلُو الْخَمْرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ مُعَلَّقًا بِهَا فَقَطْ غَيْرَ مَقِيسٍ عَلَيْهَا غَيْرُهَا أَوْ يَجِبَ الْقِيَاسُ عَلَيْهَا فَوَجَدْنَاهُمْ جَمِيعًا قَدْ قَاسُوا عَلَيْهَا نَقِيعَ التَّمْرِ إِذَا غَلَا وَأَسْكَرَ كَثِيرُهُ وَكَذَلِكَ نَقِيعُ الزَّبِيبِ قَالَ فَوَجَبَ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُحَرَّمَ كُلُّ مَا أَسْكَرَ مِنَ الْأَشْرِبَةِ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَاسْتُغْنِيَ عَنْ ذِكْرِ سَنَدِهِ لِقَبُولِ الْجَمِيعِ لَهُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي تَأْوِيلِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أَرَادَ بِهِ مَا يَقَعُ السُّكْرُ عِنْدَهُ كَمَا لَا يُسَمَّى قَاتِلًا إِلَّا مَعَ وُجُودِ الْقَتْلِ وَقَالَ آخَرُونَ أَرَادَ بِهِ جِنْسَ مَا يُسْكِرُ قَالَ وَقَدْ روى

1 / 256