50

Tamhīd al-awāʾil wa-talkhīṣ al-dalāʾil

تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل

Investigator

عماد الدين أحمد حيدر

Publisher

مؤسسة الكتب الثقافية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م

Publisher Location

لبنان

المضيء الْعَظِيم غير حَيّ والخسيس المظلم اللَّطِيف من الْأَجْسَام حَيا دراكا كالذر والبق وَمَا جرى مجْرى ذَلِك فَلَا تعلق فِي هَذَا
وَأما تعلقهم فِي إِثْبَات تأثيرات هَذِه الْكَوَاكِب بحمي الزَّمَان عِنْد قرب الشَّمْس وبرده عِنْد بعْدهَا عَن عالمنا وَكَون الِاعْتِدَال فِي زمن الخريف وَالربيع عِنْد توسطها فَإِن ذَلِك أجمع لَا يدل على أَن مَا يحدث فِي عالمنا من هَذِه الْأُمُور من فعلهَا كَمَا لَا يدل حُدُوث التبريد والتسخين فِي الْأَجْسَام عِنْد مجاورة الثَّلج وَالنَّار على أَن ذَلِك من فعلهَا وكل شَيْء نقضنا بِهِ على الْقَائِلين بِفعل الطباع بِهَذَا الِاسْتِدْلَال فَهُوَ بِعَيْنِه نَاقض لتَعلق المنجمين بِهِ
وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَيْضا أَن هَذِه الْحَوَادِث الأرضية لَا تَخْلُو أَن تكون وَاجِبَة من ذَوَات الأفلاك أَو عَن أكوانها فِي هَذِه البروج فَإِن كَانَت كائنة مُوجبَة عَن ذواتها وَجب أَن تكون سَائِر الْأَجْسَام مُوجبَة لمثل مَا توجبه هَذِه الأفلاك من هَذِه الْآثَار لقِيَام الدَّلِيل على تجانس الْأَجْسَام وتماثل جرم المُشْتَرِي وزحل وَالشَّمْس وَالْقَمَر فَكَانَ يجب أَن يكون تَأْثِير كل شَيْء مِنْهَا كتأثير غَيره سَوَاء وَكَذَلِكَ سَائِر أجسام الْعَالم
وعَلى أَنه لَا بُد أَن تكون هَا هُنَا جِهَة من قبلهَا يَصح الْعلم بِأَن ذَوَات هَذِه الأجرام وأنفسها توجب حُدُوث هَذِه الْآثَار وَفِي تعذر ذَلِك عَلَيْهِم دَلِيل على فَسَاد هَذِه الدَّعْوَى
وَإِن كَانَت هَذِه الْحَوَادِث إِنَّمَا تحدث عَن أكوان هَذِه الْأَجْسَام فِي تِلْكَ البروج فَيجب أَن يكون كَون الْقَمَر وَالْمُشْتَرِي فِي برج الْحمل مُوجبا لما يُوجِبهُ كَون الشَّمْس فِيهِ لِأَن كَون كل جرم نيرا كَانَ أَو غير نير رطبا كَانَ أَو يَابسا فِي الْمَكَان من جنس كَون غَيره فِيهِ أَلا ترى أَن كَون الزئبق

1 / 72