فِيهِ أَيْضا مَعًا فَلذَلِك أَيْضا تجب اسْتِحَالَة وجوده وحدوثه إِذا علق بِوُجُود طبائع هِيَ حوادث لَا غَايَة لَهَا وَفِي صِحَة وجود الْعَالم وحدوثه دَلِيل على فَسَاد هَذَا القَوْل
وَإِن كَانَت الطبيعة الْمُوجبَة لحدوث الْعَالم حَادِثَة لَا عَن طبيعة أوجبتها جَازَ أَيْضا حُدُوث الْعَالم لَا عَن طبيعة أوجبته وحدوث الْإِسْكَار والإحراق والتبريد والتسخين وَسَائِر الْحَوَادِث لَا عَن طبيعة كَمَا أَنه لَو جَازَ حُدُوث مُحدث وَاحِد لَا من مُحدث لجَاز حُدُوث سَائِر الْحَوَادِث لَا من مُحدث وَهَذَا يبطل قَوْلهم بِإِثْبَات طبيعة حدث الْعَالم عَنْهَا
وعَلى أَن هَذِه الطبيعة إِن كَانَت محدثة فَلَا تَخْلُو أَن يكون أحدثها مُحدث أَولا فَإِن كَانَت حَادِثَة عَن مُحدث فَلَا تَخْلُو أَن يكون أحدثها محدثها بطبع أَو بِغَيْر طبع فَإِن كَانَ أحدثها بطبع وَكَانَ طبعه أَيْضا مُحدثا وَجب أَن يكون لطبعه مُحدث ولمحدثه طبع مُحدث لَهُ مُحدث أبدا إِلَى غير غَايَة وَذَلِكَ محَال وَإِن كَانَ مُحدث الطبيعة أحدثها بِغَيْر طبع جَازَ حُدُوث الْعَالم أَيْضا من مُحدث لَيْسَ بِذِي طبع وَبَطل إِثْبَات الطَّبْع وَإِن كَانَ مُحدث الطبيعة الَّتِي حدث الْعَالم عَنْهَا قَدِيما وَكَانَ طبعه قَدِيما وَجب قدم الطبيعة وَقدم الْعَالم الْكَائِن عَنْهَا على مَا بَيناهُ من قبل هَذَا وَهَذَا ظَاهر فِي أَنه لَا يجوز أَن يكون الْعَالم حَادِثا عَن طبع من الطبائع
أما قَول من قَالَ إِن الْعَالم بأسره مركب من الطبائع الْأَرْبَع الْحَرَارَة والبرودة والرطوبة واليبوسة فَإِنَّهُ بَاطِل من وُجُوه أَحدهَا أَن هَذِه الطبائع أَعْرَاض محدثة متضادة على الْأَجْسَام لِأَنَّهُ محَال اجْتِمَاع الْحَرَارَة مَعَ الْبُرُودَة فِي مَحل وَاحِد فَيجب حُدُوث الْحَرَارَة بعد بطلَان الْبُرُودَة وَكَذَلِكَ الرُّطُوبَة بعد
1 / 56