قيمتها العلمية
...
قيمة الرسالة العلمية
تأتي أهميّة الرسالة من كونها تتناول موضوعًا، لم أجد من أفرد له بحثًا مستقلًا، وهو تلوين الخطاب، ولم أقف على مؤلفٍ - فيما اطلعت عليه - يتحدث عنه، أو يشير إليه سوى عند الشهاب الخفاجي، فقد وردت إشارة خاطفة إليه١، ولذا فقد خلت منه المعاجم الأدبية والنقدية الحديثة التي تهتمّ برصد المصطلحات الواردة في القديم والحديث٢.
ومع هذه الأهميّة، فإنّ للمؤلف وقفاتٍ رائعة، ومناقشات لمن سبقه من العلماء تدلّ على سعة علمه، ودِقَّته، وتفصح عن مكانة الرسالة العلمية، ومن ذلك:
١- اعتراضه على الزمخشري في استنباط النكتة البلاغية من الالتفات في قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ ٣. حيث قال: "ولذلك صرّح الإمام البيضاوي على وفق إشارة صاحب الكشاف بوجود الالتفات في قوله تعالى: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ فإن العدول فيه عن مقتضى ظاهر الكلام، حيث كان سباقه، وهو قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى﴾ على صيغة الغيبة، لا عن مقتضى ظاهر المقام، لأن مقتضاه الخطاب في الموضعين، ونكتة العدول عن مقتضى الظاهر بحسب المقام، التعظيم للنبي ﵊، والتلطيف في تأديبه بالعدول عن الخطاب في مقام
_________
١ انظر: حاشية الشهاب المسمّاة بعناية القاضي وكفاية الراضي على تفسير البيضاوي: ٦/٣٩٦.
٢ انظر مثلًا: معجم النقد العربي القديم د. أحمد مطلوب.
والمعجم الأدبي جيور عبد النور، دار العلم للملايين - بيروت ط (٢) ١٩٨٤م، والمعجم المفصل في الأدب د. محمد التونجي دار الكتب العلمية - بيروت ط (١) ١٤١٣هـ.
٣ سورة عبس: ١-٣.
1 / 315