والفرق بين هذا وما قبله، أنّ هذا خاصّ فيما إذا كان المخاطب قبل النقل وبعده واحدًا، بينما الذي قبله عامّ لا يشترط فيه استمرار الكلام بعد النقل مع من كان قبله.
وقد أسهب في هذا النوع، واستغرق منه معظم صفحات الرسالة، ولا غرابة في ذلك فالالتفات مما اعتنى ببحثه البلاغيون.
٥- تغيير الأسلوب دون النقل.
وهذا أيضًا لم يمثّل له، وأرى أنه باب واسع، يشمل كثيرًا من الأمور التي يكون فيها تغيير للأسلوب عن مقتضى ظاهر المقام، ويمكن حينئذٍ أن يدخل فيه ما أورده ابن الأثير في الالتفات مثل: الرجوع عن الفعل المستقبل إلى فعل الأمر وعن الفعل الماضي إلى فعل الأمر، والإخبار عن الفعل الماضي بالمستقبل، وعن المستقبل بالماضي١.
وحين نمعن النظر في تلوين الخطاب لدى ابن كمال باشا، نجده يحاول استقصاء الأساليب التي تلفت الانتباه، حين تتغيّر من حال إلى حال، وتخرج عن مقتضى الظاهر، فيجعلها داخلة في فروعه، وذلك لأنه رأى أن علماء البلاغة لا يعدّونها من الالتفات بعد أن تحدّد مفهومه، ووضعت له الشروط التي تخرج كثيرًا من الأساليب الخارجة عن مقتضى الظاهر، وخاصة عند متأخري علماء البلاغة حيث ذكروا أن الالتفات هو: "التعبير عن معنى بطريق من الثلاثة بعد التعبير عنه بآخر منها"٢ وإن كان السّكاكي أكثر تسامحًا منهم: فلا يشترط
_________
١ انظر/ المثل السائر ٢/١٧٩-١٨٦ قدمه وعلّق عليه د. أحمد الحوفي ود. بدوي طبانة، دار نهضة مصر - القاهرة ط (٢) .
٢ تلخيص المفتاح للخطيب القزويني ٨٦، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده - بمصر. الطبعة الأخيرة، وشروح التلخيص ١/٤٦٥، دار الكتب العلمية - بيروت.
1 / 312