Talkhis Sama Wa Calam

Averroes d. 595 AH
114

Talkhis Sama Wa Calam

تلخيص كتاب السماء والعالم

ولما تبين له هذا من طبيعة الثقيل والخفيف، وكان قد تبين أن الشكل ليس هو سبب حركة النقلة الموجودة لهذه الاجرام البسيطة، أخذ يفحص عما يظهر في بعض الأشياء من أنها تطفو على الماء من قبل شكلها ولا تطفو على الهواء وهي بذلك الشكل بعيبنه، شبه النحاس والحديد فإنه متى كان عريض الشكل مقعرا طفا على الماء، وإذا لم يكن بهذه الصفة رسب في الماء، وهو أولا يأتي بقول ديمقريطس في ذلك ويبطله ثم يأتي بمذهبه فيقول: ان ديمقريطس كان يرى السبب في أن الأشياء العريضة تطفو على الماء انما هو كثرة ما يلقاها من البخارات الصاعدة من الماء ويعوقها بصعودها وكثرتها عن أن تغوص في الماء، واما إذا لم تكن عريضة فليس يلقاها من هذه البخارات إلا يسير فيغلبها ثقل الشيء الموضوع على الماء فيرسب. وهو يكسر عليه هذا السبب لأنه لو كان من شأن البخارات الصاعدة ان يطفو عليها العريض للزم أن يعرض ذلك للحديد العريض في الهواء، ولسنا نرى ذلك ، فهذا السبب باطل. وقد شعر ديمقريطس بهذا العناد فقال ان البخارات التي تخرج من الماء تخرج منضغطة غير منتشرة، والتي تخرج من الهواء تنتشر وتفترق ، ولذلك تعوق تلك ولا تعوق هذه، ولا معنى لهذا، فإن البخارات التي في الهواء هي أكثر من البخارات في الماء، وصعود البخارات هو بنوع واحد. وأما أرسطو فيقول أن السبب في ذلك هو أن الماء أعسر انقساما من الهواء والأجسام العريضة تلاقي من الجسم الذي يتحرك >في< أكثر مما يلقي منه الأجسام التي ليست بعريضة فيعسر خرق الاجسام العريضة للجسم الذي يتحرك فيها ويسهل ذلك من الاجرام التي ليست بعريضة. وإذا كان ذلك كذلك فالقوة الثقيلة التي في الحديد العريض ليس تقدر أن تقسم طبيعة الماء وتخرقه، ولذلك يقف الحديد العريض عليه، واما الهواء فلسهولة انفعاله وقبوله الانخراق بقدر القوة الثقيلة التي في الحديد العريض فيمكنها أن تخرقه ولذلك لا تطفو عليه. واما الأشياء التي ليست بعريضة فقوة الثقل الذي فيها [ 51 و: ع] يمكنها أن تخرق الجسمين معا، أعني الثقيل والخفيف. وينبغي أن تعلم أن أكثر ما يعرض هذا للحديد والنحاس إذ كان مع عرضه فيه بعض تقعير شبه ما يعرض لطاسة النحاس، وانما يعرض للأجسام المقعرة مثل هذا العرض لأنها لا ترسب حتى يكون فيها من الثقل ما يخرق الماء الذي يلقاها وما يجذب الهواء في مقعرها إلى أن يصير سطحها المماس لمقعر الاناء تحت سطح الماء، وبين أن سطح الهواء ليس يتحرك إلى داخل الماء قسرا، ولذلك يحتاج في الرسوب إلى قوة تجمع الأمرين جميعا، أعني أن تخرق الماء وأن تجذب الهواء الذي تحت سطح الماء، فإن كان الجسم الثقيل من شأنه أن يطفو على الماء شبه الخشبة اتفق له مع ذلك ان كان عريضا مقعر الشكل عسر غوصه في الماء، ولهذا كانت المركبات تحمل ثقلا كثيرا. فقد تبين من هذا القول ما جوهر الثقيل المطلق والخفيف المطلق والمضاف (و) كثيرا من الأمور اللاحقة لهما. كمل كتاب السماء والعالم بعون الله

Page 382