بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على محمد وآله الغرض من الكتاب قال: الغرض فى هذا الكتاب هو القول في التبكيتات السوفسطائية التي يظن بها أنها تبكيتات حقيقية، وإنما هي مضللات.

1 / 1

ونحن مبتدئون بالنظر في ذلك من المقدمات المعروفة بالطبع في هذا الجنس، فنقول: إن من المعلوم أن من القياسات ما هو قياس في الحقيقة، ومنه ما يغلط، فيظن به أنه قياس، من غير أن يكون كذلك في الحقيقة. وما عرض في القياس من ذلك هو شبيه بما عرض في سائر الأشياء المتنفسة وغير المتنفسة، وذلك أنه كما أن من الناس من هو عابد بالحقيقة، ومن يظن

1 / 2

به أنه عابد، وهو مرائى؛ ومنهم من هو جميل بالحقيقة، ومنهم من يظن به أنه جميل لمكان الزى واللباس، وليس هو في الحقيقة جميلا؛ ومن الفضة أيضًا

1 / 3

والذهب ما هو في الحقيقة وذهب، ومنه ما يظن به أنه ذهب وفضة، كذلك الأمر في القياسات. وإنما يخفى هذا الصنف من القياس، أعنى الذي يوهم أنه قياس، وليس بقياس، على من لم يجرب الأقاويل، ولا اختبرها؛ لأن من لم يجرب الأشياء يشبه الذي ينظر إلى الأشياء من بعد. فأما القياس بإطلاق، فقد قيل فيه إنه قول، إذا وضعت فيه أشياء أكثر من واحد، لزم عنها بذاتها، لابالعرض، شيء آخر غيرها اضطرارًا.

1 / 4

وأما القياس المبكت فهو القياس الذي يلزم عنه نتيجة هي نقيض النتيجة التي وضعها المخاطب. وذلك أنه إذا لزمت عن المقدمات التي اعترف بها المخاطب، فيلزمه عن ذلك أن يكون الشيء بعينه موجودًا كذا، وغير موجود كذا. والتبكيت السوفسطائى هو القياس الذي يوهم أنه بهذه الصفة، من غير أن يكون كذلك. وقد يقع مثل هذا القياس لأسباب نذكرها بعد. وأشهر هذه الأسباب هو ما يعرض للمعانى من قبل الألفاظ. وذلك أنه لما لم تكن مخاطبة إلا بألفاظ، أقيمت الألفاظ مقام المعانى، فأوهم ما يعرض في الألفاظ أنه يعرض في المعانى مثل ما يعرض للحساب من الغلط في العدد، في حين إقامتهم

1 / 5