93

Al-Talkhīṣ al-Ḥabīr fī takhrīj ʾaḥādīth al-Rāfiʿī al-Kabīr

التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير

Editor

أبو عاصم حسن بن عباس بن قطب

Publisher

مؤسسة قرطبة

Edition Number

الأولى

Publication Year

1416 AH

Publisher Location

مصر

فِي الْآخِرَةِ خَاصَّةً، لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ: مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: عَامٌّ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ، وَنَقَلَهُ عَنْ خَلْقٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَأَوْضَحُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ؛ مَا رَوَاهُ ابْن حِبَّانَ بِلَفْظِ: «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ حِينَ يَخْلُفُ مِنْ الطَّعَامِ» وَرِوَايَةُ جَابِرٍ عَنْ مُسْنَدِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَإِنَّهُمْ يَمْشُونَ، وَخُلُوفُ أَفْوَاهِهِمْ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. أَمْلَاهُ الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، وَقَالَ: إنَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَأَمَّا ذِكْرُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ فَلِأَنَّهُ يَوْمُ الْجَزَاءِ، وَفِيهِ يَظْهَرُ رُجْحَانُ الْخُلُوفِ فِي الْمِيزَانِ عَلَى الْمِسْكِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الدُّنْيَا، فَخُصَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لِذَلِكَ، وَأُطْلِقَ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ، نَظَرًا إلَى أَنَّ أَصْلَ أَفْضَلِيَّتِهِ ثَابِتَةٌ فِي الدَّارَيْنِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ﴾ [العاديات: ١١] .
(تَنْبِيهٌ آخَرُ) وَاسْتَدَلَّ الْأَصْحَابُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى كَرَاهِيَةِ الِاسْتِيَاكِ بَعْدَ الزَّوَالِ لِمَنْ يَكُونُ صَائِمًا، وَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ (نَظَرٌ)، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «لَك السِّوَاكُ إلَى الْعَصْرِ، فَإِذَا صَلَّيْت فَأَلْقِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَسْتَاكُ، وَهُوَ صَائِمٌ مَا لَا أَعُدُّ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرِهِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ: أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: لَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ لِلصَّائِمِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي شَامَةَ، وَابْنِ عَبْدِ السِّلَامِ، وَالنَّوَوِيِّ، وَقَالَ: إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْهُمْ الْمُزَنِيّ. وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ عَلِيٍّ: «إذَا صُمْتُمْ فَاسْتَاكُوا بِالْغَدَاةِ، وَلَا تَسْتَاكُوا بِالْعَشِيِّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ صَائِمٍ تَيْبَسُ شَفَتَاهُ بِالْعَشِيِّ، إلَّا كَانَتَا نُورًا بَيْن عَيْنَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، أَخَرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ

1 / 102