Al-Talkhīṣ al-Ḥabīr fī takhrīj ʾaḥādīth al-Rāfiʿī al-Kabīr
التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير
Editor
أبو عاصم حسن بن عباس بن قطب
Publisher
مؤسسة قرطبة
Edition Number
الأولى
Publication Year
1416 AH
Publisher Location
مصر
أَوْلَى، وَهَذَا الْجَوَابُ مُتَعَقَّبٌ، لِأَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ صَحِيحٌ. قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: إسْنَادُهُ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَهِيَ زِيَادَةُ ثِقَةٍ فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهَا، وَقَدْ أَلْزَمَ الطَّحَاوِيُّ الشَّافِعِيَّةَ بِذَلِكَ. ثَانِيهَا: قَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ أَقِفْ عَلَى صِحَّتِهِ وَهَذَا الْعُذْرُ لَا يَنْفَعُ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ الَّذِينَ وَقَفُوا عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ، لَا سِيَّمَا مَعَ وَصِيَّتِهِ.
ثَالِثُهَا: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَهَا ثَامِنَةً لِأَنَّ التُّرَابَ جِنْسٌ غَيْرُ جِنْسِ الْمَاءِ، فَجَعَلَ اجْتِمَاعَهُمَا فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مَعْدُودًا بِاثْنَيْنِ، وَهَذَا جَوَابٌ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ.
رَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى مَنْ نَسِيَ اسْتِعْمَالَ التُّرَابِ، فَيَكُونَ التَّقْدِيرُ: اغْسِلُوا سَبْعَ مَرَّاتٍ إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ. كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَإِنْ لَمْ تُعَفِّرُوهُ فِي إحْدَاهُنَّ فَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ، وَيُغْتَفَرُ مِثْلُ هَذَا الْجَمْعِ بَيْنَ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ بَعْضِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَائِدَةٌ): قَالَ الْقَرَافِيُّ: سَمِعْت قَاضِيَ الْقُضَاةِ صَدْرَ الدِّينِ الْحَنَفِيَّ يَقُولُ: إنَّ الشَّافِعِيَّةَ تَرَكُوا أَصْلَهُمْ فِي حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: فَقُلْت لَهُ: هَذَا لَا يَلْزَمُهُمْ لِقَاعِدَةٍ أُخْرَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُطْلَقَ إذَا دَارَ بَيْنَ مُقَيَّدِينَ مُتَضَادَّيْنِ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ، فَإِنَّ اقْتَضَى الْقِيَاسُ تَقَيُّدَهُ بِأَحَدِهِمَا قُيِّدَ وَإِلَّا سَقَطَ اعْتِبَارُهُمَا مَعًا، وَبَقِيَ الْمُطْلَقُ عَلَى إطْلَاقِهِ، انْتَهَى.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَرَافِيُّ صَحِيحٌ، وَلَكِنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ هَاهُنَا بَلْ يُمْكِنُ هُنَا حَمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَذَلِكَ أَنَّ الرِّوَايَةَ الْمُطْلَقَةَ فِيهَا إحْدَاهُنَّ، وَالْمُقَيَّدَةُ فِي بَعْضِهَا أُولَاهُنَّ، وَفِي بَعْضِهَا أُخْرَاهُنَّ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ، فَإِنْ حَمَلْنَا أَوْ هُنَا عَلَى التَّخْيِيرِ اسْتَقَامَ أَنْ يُحْمَلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَيَتَعَيَّنُ التُّرَابُ فِي أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ لَا فِي مَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَإِنْ حَمَلْنَا " أَوْ " هُنَا عَلَى الشَّكِّ امْتَنَعَ ذَلِكَ، لَكِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الشَّكِّ، وَقَدْ وَقَعَ فِي الْأُمِّ لِلشَّافِعِي وَفِي الْبُوَيْطِيِّ مَا يُعْطِي أَنَّهَا عَلَى التَّعْيِينِ فِيهِمَا وَلَفْظُهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ: " وَإِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ، غُسِلَ سَبْعًا أُولَاهُنَّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُّرَابِ، لَا يُطَهِّرُهُ غَيْرُ ذَلِكَ " وَبِهَذَا جَزَمَ الْمَرْعَشِيُّ فِي تَرْتِيبِ الْأَقْسَامِ.
قُلْت: وَهَذَا لَفْظُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ، وَذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بَحْثًا
1 / 31