الأخلاق وينهى عن ملائمها، فذكر ذلك الرجل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مقاله فقال: اللهم اغفر للأحنف، وكان يقول: هذا من أرجى عملي عندي (1).
وحضر عند معاوية فتكلم جلساؤه والأحنف ساكت، فقال له معاوية:
مالك لا تتكلم يا أبا بحر فقال: أخاف الله إن كذبت وأخافكم إن صدقت (2).
وقال له معاوية مرة: أنت صاحبنا بصفين، ومخذل الناس عن أمير المؤمنين فقال: والله إن قلوبنا التي أبغضناك بها لفي صدورنا، وأن سيوفنا التي قاتلناك بها لعلى عواتقنا، ولئن دنوت إلينا شبرا من غدر لندنون إليك ذراعا من ختر ولئن شئت لتصفون لك قلوبنا بحلمك عنا قال: قد شئت (3).
وكان عند ه يوما إذ دخل رجل من أهل الشام فقام خطيبا، فكان آخر كلامه أن سب عليا (عليه السلام) فأطرق الناس فتكلم الأحنف مخاطبا لمعاوية فقال: إن هذا القائل ما قال: لو يعلم أن رضاك في لعن الأنبياء والمرسلين، لما توقف في لعنهم فاتق الله ودع عنك عليا (عليه السلام) فقد لقى ربه بأحسن ما عمل عامل، والله المبرز في سبقه الطاهر في خلقه الميمون النقيبة العظيم المصيبة، أعلم العلماء وأحلم الحلماء وأفضل الفضلاء، ووصي خير الأنبياء.
فقال معاوية: لقد أغضيت العين على القذى، وقلت بما لا ترى، وأيم الله لتصعدن المنبر فتلعنه طوعا أو كرها. فقال: إن تعفني فهو خير وإن تجبرني على ذلك فوالله لا يجري به لساني أبدا فقال: لا بد أن تركب المنبر وتلعن عليا. قال: إذا والله لأنصفنك وأنصفن عليا قال: تفعل ماذا؟ قال:
أحمد الله واثني عليه وأصلي على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) وأقول:
أيها الناس إن معاوية أمرني أن ألعن عليا وإن عليا ومعاوية اقتتلا، وأذعن كل
Page 57