أبو الطفيل الكناني (*) (1)
اسمه عامر بن وائلة كان من خيار أصحاب علي (عليه السلام)، وشهد معه مشاهده وكان فارسا مولده عام أحد وأدرك ثمان سنين من حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وله عنه رواية ولما ملك معاوية كتب إلى أبي الطفيل فقدم عليه وهو شيخ وعند معاوية أخلاط من قريش فقال له معاوية:
أنت أبو الطفيل قال: نعم قال: أفكنت ممن قتل عثمان... قال: لا ولكن كنت ممن شهده فلم ينصره قال: فما منعك من ذلك؟ قال: قد شهده
Page 26
المهاجرون الأولون والأنصار فلم ينصروه قال: أما والله لقد كانت نصرته حقا عليك قال: فما منعك أنت منها؟ وقد كتب إليك يسألك النصرة وقد حصر في داره أربعين ليلة ومعك أهل الشام فقال معاوية: ما طلبي بدمه إلا نصرة له فضحك أبو الطفيل وقال: مثلكما كما قال عبيد (1):
لأعرفنك بعد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتني زادي (2) قال: ودخل عمرو بن العاص ومروان بن الحكم وعبد الرحمن بن الحكم فقال معاوية: أتعرفون هذا الشيخ؟ قالوا: لا، قال: هذا حبيب علي وفارس أهل صفين وشاعرهم، أبو الطفيل فأقبل عليه القوم يشتمونه فقال سعيد: هذا ألام جليس وشر فارس وأشغب شاعر، فما منعك من قتله؟ فقال معاوية لأبي الطفيل: هل تعرف هؤلاء القوم؟ فقال: ما أبعدهم من شر ولا أعرفهم بخير فسماهم له معاوية فقال له: نعم يا معاوية نطقوا بغير ألسنتهم فتكلموا على قدر ذلك قال: وكيف؟ قال: أما عمرو فأنطقته مصر، وأنطق مروان الحجاز، وأنطق سعيدا مكة، وعبد الرحمن أنطقته أم
Page 27
الحكم، وأما قولك يا ابن أبي أحيحة: إنني ألام جليس فأنت ألام مني وأوضع، وأما قولك شر فارس فإني صاحبكم بصفين ومعي لساني، فقطع عليه عمرو بن العاص وقال: أنت الذي تقول:
إلى رجب السبعين يعرف موقفي * مع السيف في جاؤ آء جم حديدها (1) فقال معاوية أجزها إلى آخرها يا أبا الطفيل فقال:
زحوف كركن الطود كل كتيبة * إذا ما سطت فيها قليل سريدها لها منكبان من رجال كأنهم * ضواري السباع نمرها وأسودها كهول وشبان يرون دماءكم * طهورا وانفادا لها تستفيدها يموجون موج البحر ثم ارعووا وهم * إلى ذات أبدان كثير عديدها كان شعاع الشمس تحت لوائهم * تخالطها حمر المنايا وسودها شعارهم سيما النبي وراية * لها الله ظهري على من يكيدها كأني أراكم حين تختلف القنا * وزلت بأكفال الرجال لبودها ونحن نكر الخيل عطفا عليكم * كخطف عتاق الطير نعبا يصيدها هنالك إما النفس تابعة الأولى * قتلتم وإما اشتفى فأريدها فلا تجزعوا إن أعقب الدهر نكبة * وأمست مناياكم قريبا بعيدها (2) قال: فقال له مروان: ما فعل طفيل أبا الطفيل فقال:
خلي طفيل علي السهم وانشعبا * فهد ذلك ركني هدة عجبا وما طفيل بوقاف إذا افترست * زرق الأسنة هياب إذا ركبا فاذهب فلا يبعدنك الله من رجل * فقد تركت رقيقا عظمه وصبا قال: فأقبلوا على معاوية وقالوا: قد أخبرك الرجل ذات نفسه فما
Page 28
تنتظر به ثم أعادوا شتمه فنظر إليه معاوية فقال: إنك آمن أبا الطفيل فقال:
الآن لما شتموا عرضي وكلموك على سفك دمي وأغروك بي في مجلسك ثم خرج من عنده وكتب إليه:
أيشتمني عمرو ومروان ضلة * بحكم ابن هند والشقي سعيد وحول ابن هند شاكبون كأنهم * إذا ما استفاضوا في الحديث قرود يعضون من غيظ علي أكفهم * وردك ما لا تستطيع شديد وما مسني إلا ابن هند وإني بتلك التي يشجى بها لرصيد كما بلغت أيام صفين نفسه * تراقيه والشاميون شهود فلم يمنعوه والرماح تنوشه * يخب بها رحب البنان عنود وطارت لعمرو في الفجاج شظية * ومروان عن وقع السيوف يحيد وما لسعيد همة غير نفسه * وعندي له في الحادثات مزيد (1) فتخطفكم في الحرب خطفا كأنكم * إذا ثار نقع الفيلقين صيود (2) ألم يبتدركم يوم صفين فتية * شوامخة شم المناخر صيد (سعيد) و (قيس) والمعمر وابنه * و (اشتر) فيهم معلم ويزيد وكنتم كشاء غاب عنها رعاتها * تخاف عليها أذؤب وأسود (3) فلما قرأها معاوية أجزل صلته ورده إلى الكوفة.
* * *
Page 29
أبو الأسود الدؤلي (*) (2)
كان من قدماء التابعين وكبرائهم، وكان شاعرا مجيدا شيعيا، وهو الذي إخذ العربية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وألفها وهذبها (1) وكان نازلا في بني قشير (2) وكانوا يبغضونه لحبه عليا، ويرمونه في الليل بالحجارة فإذا أصبح شكى ذلك فقالوا: ما نحن نرميك ولكن الله يرميك فقال: كذبتم لو رماني الله ما أخطأني وقال:
يقول الأرذلون بنو قشير * طوال الدهر ما تنسى عليا فقلت لهم وكيف يكون تركي * من الأعمال مفروض عليا أحب محمدا حبا شديدا * وعباسا وحمزة والوصيا أحبهم لحب الله حتى * أجئ إذا بعثت على هويا بنو عم النبي وأقربوه * أحب الناس كلهم إليا هوى اخترته منذ استدارت * رحى الإسلام لم يعدل سويا
Page 30
فإن يك حبهم رشدا أصبه * ولست بمخطئ إن كان غيا (1) فلما سمعوا البيت الأخير قالوا: شككت فقال: ألم تسمعوا إلى قوله تعالى: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) (2) أفترون الله عز وجل شك.
ودخل على معاوية بالنخيلة (3) فقال له: أكنت ذكرت للحكومة بيني وبين علي قبل أبي موسى؟ قال: نعم. قال: فلو توليتها ما كنت صانعا؟
قال: كنت أجمع إلفا من المهاجرين وأبنائهم، وألفا من الأنصار وأبنائهم ثم أقول: يا معشر من حضر أرجل من المهاجرين السابقين أحق بالخلافة أم رجل من الطلقاء؟ فلعنه معاوية.
ولما قتل علي (عليه السلام) قال أبو الأسود:
ألا أبلغ معاوية بن حرب * فلا قرت عيون الشامتينا أفي الشهر الحرام فجعتمونا * بخير الناس طرا أجمعينا قتلتم خير من ركب المطايا * وخيسها ومن ركب السفينا ومن لبس النعال ومن حذاها * ومن قرأ المثاني والمئينا إذا استقبلت وجه أبي حسين * رأيت البدر راق الناظرينا لقد علمت قريش حيث كانت * بأنك خيرها حسبا ودينا (4) قيل: قال زياد (5) لأبي الأسود: كيف حبك لعلي؟ قال: حبا يزداد له
Page 31
شدة كما يزداد بغضك له شدة ويزداد لمعاوية حبا، وأيم الله إني لأريد بذلك الآخرة وما عند الله، وإنك لتريد بما أنت فيه الدنيا وزخرفها وذلك زايل عنك بعد قليل.
فقال له زياد: أنت شيخ قد خرفت ولولا أنني لم أتقدم إليك في هذا لأنكر تني فقال أبو الأسود:
غضب الأمير بأن صدقت وربما * غضب الأمير على البرئ المسلم يأبى المغيرة رب يوم لم يكن * أهل البراءة عندكم كالمجرم الله يعلم أن حبي صادق * لبني النبي وللوصي الأكرم ثم قال له: مثلي ومثلك في علي كقول الشاعر:
خليلان مختلف همنا * أريد العلاء ويبغي السمن أريد دماء بني مازن * وراق المعلى بياض اللبن * * *
Page 32
عبد الله بن العباس بن عبد المطلب (*) (3)
كان من شيعة علي (عليه السلام) وأصحابه وخواصه، وهو الذي مر بمكة بعدما كف بصره بضفة زمزم وإذا بقوم من أهل الشام يسبون عليا (عليه السلام) فوقف عليهم فقال: أيكم الساب لله؟ قالوا: سبحان الله ما فينا أحد سب الله؟ قال: فأيكم الساب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قالوا: سبحان الله ما فينا أحد يسب رسول الله (صلى الله عليه وآله
Page 33
وسلم). قال: فأيكم الساب علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ قالوا: أما هذا فقد كان. قال: فأشهد على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سمعته يقول: من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله، ومن سب الله أكبه الله على منخريه في نار جهنم ثم تولى عنهم فقال لابنه: يا بني كيف تراهم فقال له ابنه:
نظروا إليك باعين محمرة * نظر التيوس إلى شفار الجازر فقال لابنه: زدني. فقال:
خزر العيون نواكص أبصارهم * نظر الذليل إلى العزيز القاهر فقال له: زدني. فقال: ليس عندي زيادة. فقال عبد الله:
أحياؤهم عار على أمواتهم * والميتون مسبة للغابر (1) وقال عبد الله: بينا أنا أماشي عمر بن الخطاب إذ قال لي: يا ابن عباس ما أظن إلا أن صاحبك مظلوم، فقلت في نفسي والله لا يسبقني بها فقلت: فاردد إليه ظلامته فانتزع يده من يدي ومضى يهمهم ساعة، ثم وقف فلحقته فقال: يا ابن عباس ما أظنه منعه إلا صغر سنه، فقلت في نفسي هذه أعظم من تيك (2) فقلت: والله ما استصغره الله ورسوله حين أمره أن يأخذ سورة براءة من صاحبك فبهت لا يحير جوابا (3).
وقيل: إنما ذهب بصر عبد الله من بكائه على علي (عليه السلام) (4).
ومن كتاب له إلى يزيد بن معاوية:
Page 34
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد... فقد جاءني كتابك، تذكر دعاء ابن الزبير إياي للذي دعاني إليه، وإني امتنعت عليه معرفة بحقك، فإن يكن ذلك كذلك فلست برك أغزو بذلك، ولكن الله بما أنوي به عليم، وكتبت إلى أن أحث الناس عليك، وأخذلهم عن ابن الزبير فلا سرورا ولا حبورا، بفيك الكثكث (1) ولك الأثلب (2) إنك لعازب (3) إن منتك نفسك، وإنك لأنت المنفور المثبور.
وكتبت إلي تذكر تعجيل بري وصلتي، فاحبس أيها الإنسان عني برك وصلتك فإني حابس عنك ودي ونصرتي ولعمري ما تعطينا مما في يديك لنا إلا القليل، وتحبس منه العريض الطويل.
لا أبا لك، أتراني أنسى قتلك حسينا وفتيان عبد المطلب مصابيح الدجا ونجوم الأعلام غادرتهم جنودك بأمرك فأصبحوا مصرعين في صعيد واحد، مزملين في الدماء، مسلوبين بالعراء، لا مكفنين ولا موسدين، تسفيهم الرياح وتغزوهم الذباب، وتنتابهم عرج الضباع حتى أتاح الله لهم قوما لم يشركوا في دمائهم فكفنوهم وأجنوهم، وبهم والله وبي من الله عليك، فجلست في مجلسك الذي أنت فيه.
ومهما أنس من الأشياء فلست أنسى تسليطك عليهم الدعي ابن الدعي (4) للعاهرة الفاجرة البعيد رحما، اللئيم أبا وأما الذي اكتسب أبوك في ادعائه لنفسه العار والمأثم والخزي في الدنيا والآخرة، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر، وإن أباك زعم أن الولد لغير الفراش ولا يضر العاهر ويلحق به ولده كما يلحق ولد البغي المرشد، ولقد أمات أبوك السنة جهلا، وأحيى الأحداث المضلة عمدا.
Page 35
ومهما أنس من الأشياء فلست أنسى تسييرك حسينا من حرم رسول الله (ص) إلى حرم الله، وتسييرك إليه الرجال وإدساسك إليهم إن هو نذر بكم فعاجلوه، فما زلت بذلك وكذلك حتى أشخصته من مكة إلى أرض الكوفة تزئر إليه خيلك وجنودك زئير الأسد عداوة منك لله ولرسوله ولأهل بيته، ثم كتبت إلى ابن مرجانة (1) يستقبله بالخيل والرجال والأسنة والسيوف، ثم كتبت إليه بمعاجلته وترك مطاولته حتى قتلته ومن معه من فتيان بني عبد المطلب أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (2).
نحن أولئك لا كآبائك الأجلاف الجفاة أشباه الحمير، ولقد علمت أنه كان أعز أهل البطحاء بالبطحاء قديما وأعزه بها حديثا لوثوا بالحرمين مقاما، واستحل بها قتالا ولكنه كره أن يكون هو الذي يستحل به حرم الله وحرم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحرمة البيت الحرام، فطلب إليكم الحسين الموادعة، وسألكم الرجعة، فاغتنمتم قلة أنصاره وأعوانه، واستيصال أهل بيته، كأنكم قتلتم أهل بيت من الترك أو كابل.
ولا شئ أعجب عندي من طلبك ودي ونصرتي، وقد قتلت بني ولد أبي وسيفك يقطر من دمي وأنت آخذ ثاري فإن يشأ الله لا يطلل لديك دمي ولا تسبقني بثاري، وإن تستبقني في الدنيا فقبل ذلك ما قتل النبيون وأبناء النبيين، فطلت دماؤهم في الدنيا والله الطالب بدمائهم، وكفى بالله للمظلومين ناصرا ومن الظالمين منتقما، فلا يعجبك إن ظفرت بنا فلنظفرن بك يوما ما.
وذكرت وفائي وما عرفني الله من حقك فلأنت تعلم إني بايعتك وإن
Page 36
بني أبي أحق بهذا الأمر منك ومن أبيك غير أنكم معشر قريش كاثرتمونا واستغويتم الجهال، حتى دفعتمونا عن حقنا ووليتم الأمر دوننا فبعدا لمن تحرى ظلمنا واستعدى السفهاء علينا، كما بعدت ثمود وقوم لوط وأصحاب مدين.
والعجب كل العجب وما عشت يريك الدهر العجب (1) حملك بنات عبد المطلب وحملك أبناءهم أطفالا وصغارا (2) من ولده إليك إلى الشام كالأسارى المجلوبين ترى الأوباش ومن خرج عن ملة جدهم أنك قد قهرتنا، وأنك تذلنا، وأنك تمن علينا، وبنا والله من الله عليك وعلى أبيك، وأيم الله لئن كنت تصبح آمنا لجراح يدي فقد عظم الله جرحك على لساني ونقضي وإبرامي (3)، والله ما أنا بآيس من بعد قتلك عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأخذك الله أخذا أليما ويخرجك الله من الدنيا مذموما مدحورا، فعش لا أبا لك إن استطعت فقد والله أرداك ما اقترفت (4)، والسلام على من اتبع الهدى (5).
* * *
Page 37
هاشم المرقال (*) (4)
+هو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري كان شيعا، وقال لما قتل عثمان: هذه يميني لعلي وشمالي لي وقد بايعته وكان بالكوفة وقال:
أبايع غير مكترث عليا * ولا أخشى أميرا أشعريا أبايعه وأعلم أن سأرضي * بذاك الله حقا والنبيا (1) ودخل على أبي موسى الأشعري، وهو أمير الكوفة يومئذ فقال: يا أبا
Page 38
موسى بايع لخير هذه الأمة بعد نبيها علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال:
لا تعجل حتى تنظر ما يصنع الناس وعلى من يكون اجتماعهم، فخرج من عنده وهو واضع يده اليمنى على اليسرى يقول: هذه بيعتي لخير الأمة بعد نبيها علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأتى منزله فجرد معه من بنيه من كان منهم قد انبت، وخرج بهم إلى أمير المؤمنين إلى ذي قار (1) فكان أول من قدم عليه، واستشهد بين يديه في صفين (2).
* * *
Page 39
خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين (*) (5)
استشهد بين يدي علي (عليه السلام)، وروي أن ابن أبي ليلى (1) قال: كنت بصفين فرأيت رجلا أبيض اللحية معتما متلثما ما يرى منه إلا أطراف لحيته يقاتل أشد قتال فقلت: يا شيخ تقاتل المسلمين؟ فحسر لثامه وقال: نعم أنا خزمية سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
قاتل مع علي جميع من يقاتل.
Page 40
ولخزيمة:
إذا نحن بايعنا عليا فحسبنا * أبو حسن مما نخاف من الفتن وجدناه أولى الناس بالناس أنه * أطب قريش بالكتاب وبالسنن وأن قريشا ما تشق غباره * إذا ما جرى يوما على الضمر البدن وفيه الذي فيهم من الخير كله * وما فيهم بعض الذي فيه من حسن (2) وله أيضا:
ما كنت أحسب هذا الأمر منتقلا * عن هاشم ثم منها عن أبي الحسن أليس أول من صلى لقبلتكم * وأعلم الناس بالقرآن والسنن وفيه ما فيهم لا يمترون به * وليس في القوم ما فيه من الحسن (3) وله أيضا:
Page 41
أبا حسن تفديك نفسي وأسرتي * وكل بطئ في الهدى ومسارع أيذهب مدح من محبك ضايعا * وما المدح في جنب الإله بضايع فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا * علي فدتك النفس يا خير راكع فأنزل فيك الله خير ولاية * وبينها في محكمات الشرايع (1) وله: فديت عليا إمام الورى * سراج البرية مأوى التقى وصي الرسول وزوج البتول * إمام البرية شمس الضحى تصدق خاتمه راكعا * فأحسن بفعل إمام الورى ففضله الله رب العباد * وأنزل في شأنه هل أتى (2) * * *
Page 42
قيس بن سعد بن عبادة (*) (6)
قيل: كان يقوم من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مقام صاحب الشرطة، وكان في بعث فيه أبو بكر وعمر غازين فأرملوا فكان قيس يستدين ويطعمهم ويوسع عليهم، فقال أبو بكر وعمر: إن تركنا هذا الفتى أهلك مال أبيه بما تدين عليه وأنفق علينا فلو مشينا في الناس نجمع له
Page 43
العوض بما أنفق، قال: فصلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما فقام سعد بن عبادة خلفه فقال: من يعذرني من ابن أبي قحافة وابن الخطاب يريدان أن يبخلا على ابني (1).
ولما نشر علي (عليه السلام) لواءه يوم صفين قال قيس: هذا والله اللواء الذي كنا نحف به مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجبريل لنا مدد (2)، ثم قال:
هذا اللواء الذي كنا نحف به * مع النبي وجبريل لنا مدد ما ضر من كانت الأنصار عيبته * أن لا يكون له من غيرهم عدد قوم إذا حاربوا طالت أكفهم * بالمشرفية حتى يفتح البلد (3) * * *
Page 44
ثابت بن العجلان (*) (7)
قيل: إن معاوية قال لجلسائه يوما: من خير الناس أبا وأما وجدا وحدة وعما وعمة وخالا وخالة؟ فقال ثابت - وأخذ بيد الحسن بن علي (عليه السلام) -: هذا أبو علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة، وجده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وجدته خديجة وعمه جعفر الطيار في الجنة، وعمته أم هاني بنت أبي طالب، وخاله إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فاعترضه عمرو بن العاص فقال: أبيت يا أخا الأنصار إلا حبا لبني هاشم، فقال ثابت: ويلك يا ابن العاص إنه لم يرد أحد من إلا حبا لبني هاشم، فقال ثابت: ويلك يا ابن العاص إنه لم يرد أحد من الناس رضى مخلوق بمعصية الخالق إلا حرمه الله أمنيته في الحياة الدنيا، وختم له بالشقاء في الآخرة. بنو هاشم أنضد وجوها، وأورى زنادا، وأقوم عمادا، وأعظم قدرا، وأسنى فخرا، وأجل محتدا، وأعلا سؤددا، وأندى يدا. أكذلك يا معاوية إن شئت فقل: لا، فقال: بل هم كذلك يا ثابت، فالتفت ثابت إلى عمرو فقال:
بنو هاشم أهل النبوة والهدى * على رغم راض من معد وراغم بهم أنقذ الله الأنام من العمى * وبالنفر البيض الكرام الخضارم بنو الخزرج الغر الحماة وأوسها * بني كل بهلول عميد قماقم فما أنت يا ابن العاص ويلك فازدجر * ولا ابن أبي سفيان أمثال هاشم (1) * * *
Page 45