أبا حيّان حاول أن يتمسك بآراء الأوائل من أئمة علم النحو وخاصة سيبويه.
والذى لا شك فيه أن أبا حيّان كان يعظم سيبويه ويتعصب له إلى حد بعيد، وكان ذلك سببا لما وقع بينه وبين العلّامة ابن تيميّة من خصومة، فقد كان أبو حيّان يحترم ابن تيميّة ويجلّه ويعظمه إلى أن عاب ابن تيميّة سيبويه فحدثت القطيعة، وتناوله أبو حيّان بالتجريح فى تفسيره «النهر» الذى اختصر به «البحر».
ولقد التزم أبو حيّان منهجا في النحو، وهو ألّا يقرئ أحدا إلّا إذا كان فى «سيبويه» أو فى «التّسهيل» لابن مالك. أو فى تصانيفه (^١).
ولقد كان الشيخ بحق أمة وحده، ومدرسة كبرى جامعة لأنواع المعرفة الإسلامية فى عصره، ملما باللغات الشرقية من فارسية وتركية وحبشية مصنفا فيها، وهو كما يقول تلميذه الصفدىّ (^٢) «ثبت فيما ينقله محرر لما يقوله، عارف باللغة ضابط لألفاظها، وأما النحو والتصريف فهو إمام الدنيا فى عصره فيهما، ولم يذكر معه أحد فى أقطار الأرض، وله اليد الطولى فى التفسير والحديث، وتراجم الناس وطبقاتهم وتواريخهم وحوادثهم، وله التصانيف التى سارت وطارت، وانتشرت وما انتثرت، وقرئت ودرست، ونسخت وما نسخت، أخملت كتب المتقدمين، وألهت المقيمين بمصر والقادمين.
«وقرأ الناس عليه وصاروا أئمة وأشياخا فى حياته، وهو الذى جسر الناس على مصنفات الشيخ جمال الدّين ابن مالك، ورغبهم فى قراءتها، وشرح لهم غامضها، وغاص بهم لججها، وفتح لهم مقفلها»
ويقول فى حقه السّيوطىّ (^٣): «نحوىّ عصره ولغويّه ومفسره ومحدثه ومقرئه ومؤرخه وأديبه».
وكان أبو حيّان ينظم الشعر وإن لم يكن شاعرا؛ قال الصفدىّ تلميذه (^٤) إنه انتقى
_________
(^١) فوات ابن شاكر ٢/ ٣٥٢، ونكت الهميان/ ٢٨٠.
(^٢) نكت الهميان/ ٢٨٠.
(^٣) بغية الوعاة/ ١٢١.
(^٤) نكت الهميان/ ٢٨٤.
المقدمة / 9